من إدارة الصراع لمرحلة حسم الصراع
علي ابو حبلة
العملية الموسّعة لشمال الضفة الغربية، لم تشهد مثلها، منذ عام 2002، منذ عملية « السور الواقي»، التي كانت لها أهداف سياسية واسعة، وعلى اختلاف الظروف اليوم، اجتياح المخيمات الفلسطينية والمدن والبلدات في شمال الضفة الغربية يندرج ضمن مفهوم الانتقال من مرحلة إدارة الصراع إلى مرحلة حسم الصراع فقد انتقلت الدولة اليهودية ونظامها العنصري « الأبرتهايدي « إلى مرحلة إسرائيل الثالثة وأهم أهدافها الإستراتيجية الانتقال من مرحلة إدارة الصراع إلى حسمه. حزب الليكود بقيادة نتنياهو يخطط لذلك من خلال تنفيذ اتفاقيات أبراهام والسلام الاقتصادي مع تثبيت حدود إسرائيل الكبرى بين النهر والبحر.
نتنياهو يدعم إبقاء دور السلطة الفلسطينية كوكيل أمني مع تطوير ست محافظاتها في شكل حكم ذاتي. مع هذا الموقف يختلف حزب الصهيونية الدينية بكل مركباته، وعليه يطرحون رؤية أخرى لمعالم إسرائيل الثالثة حتى عام 2050.
في هذا السياق، يطرح سموتريتش خطة كاملة متكاملة تحت عنوان «الحسم بدلاً من إدارة الصراع». هذه الخطة مستوحاة كما يقول سموتريتش نفسه، من رسائل يهوشوع بن نون لأهل بلاد كنعان قبل دخولها. بن نون خيّر أهل البلاد في حينه بين ثلاثة خيارات: من يستسلم للأمر الواقع فليفعل ذلك وينجى بروحه، من يقرر مغادرة البلاد فليغادر، ومن يقرر الحرب فليحارب.
وفي هذا السياق، قال المؤرخ الإسرائيلي، بروفيسور دانيئيل بالتمان، إن اتباع سموتريتش نظرية يهوشوع بن نون تضعه في صف واحد مع معتقدات النازية الألمانية. يذكر أن تاريخ يهوشوع بن نون مقرون بالمذابح البشعة، الإبادة والحرق لأريحا ومدن أخرى.
وتنفيذا لخطته يطرح سموتريتش المراحل التالية:
أولا: إعلان السيادة الإسرائيلية على كل الضفة الغربية.
ثانيا: غربي نهر الأردن توجد قومية يهودية واحدة. غير اليهود سيعيشون كأفراد وليس كقومية مستقلة من خلال التنازل عن الحقوق القومية وقبول الحقوق كأفراد بما فيها انتخابات محلية لست محافظات: الخليل، نابلس، أريحا، بيت لحم، رام الله وجنين. في هذا السياق ستحل السلطة الفلسطينية والسلطة المدنية الإسرائيلية. من يرفض ذلك عليه أن يهاجر، ومن لا يقبل بهذا وذاك سيحسم الصراع معه عسكريا.
في هذا السياق، يؤكد سموتريتش على أن ما تحتاجه إسرائيل هو هزيمة الوعي والحلم وأمل التحرر عند الفلسطينيين. ويؤكد على القول بأن الإرهاب نابع من حالة اليأس التي يعيشها الشعب الفلسطيني هو كذب، الإرهاب ينبع من الأمل بإضعافنا وتقويتهم. وعليه «جيش الدفاع» لا يستطيع اجتثاث الإرهاب الذي يغذيه أمل التحرر.. يجب علينا إنهاء ذلك بقطع دابر أي بصيص أمل كهذا. والدليل على ذلك «عرب إسرائيل» طالما لم يكن عندهم أمل قومي عاشوا بسلام عشرات السنوات دون مشاركتهم في الإرهاب.
هناك مخطط إسرائيلي يجب التنبه لمخاطره وتهديده لأمن وسلامة المنطقة،والتنديد لم يعد يكفي فقد، أدانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الهجمات المتزايدة للجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ضد الفلسطينيين، ووصفتها بأنّها « انتهاك» للقانون الدولي. فإلى أي مدى ممكن أن تتطوّر الأمور؟ في حين تتصاعد المخاوف الجدية، ممّا يمكن أن ينقل الوضع إلى أسوأ، خاصة بعد تصريح وزير الحرب، يسرائيل كاتس، الذي توعّد بتنفيذ عمليات إجلاء مؤقت للفلسطينيين من مدينتي جنين وطولكرم شمالي الضفة الغربية، كما حصل في قطاع غزة. الواضح اليوم أنّ إسرائيل انتقلت من مفهوم إدارة الصراع إلى حسم الصراع، حيث تفرض وقائع جديدة. ونتيجة ذلك، تقوم الرؤى الإسرائيلية، على أن يدفع أكبر عدد من الفلسطينيين الثمن الباهظ، ما يشكل اليوم الهجوم على الضفة أبعاداً وحشية وخطيرة، ومهما اختلفت الحجج، فإنّ استهداف الضفة يبقى له البعد الاستراتيجي، يكمن في ضرب فكرة الدولة الفلسطينية، والقضاء على فكرة حلّ الدولتين.
بالمحصّلة، يتم تنفيذ الهدف السـياســي للحملة على الأرض، من دون إعلانه رسـمياً. ويمكن الاستنتاج أنّ الحملة ستستمرّ إلى أجل طويل، وأنّها لا تزال في أول الطريق، مما يتطلب موقف عربي ودولي حازم ورادع لإفشال المخطط لليمين المتطرف لان هذا المخطط يتعارض ويتناقض بالأصل مع اتفاقيتي وادي عربه وكامب ديفيد ويعرض الأمن القومي الأردني والأمن القومي المصري للخطر، ولا بد من موقف اممي يردع حكومة نتنياهو ويلزمها للتقيد بالاتفاقيات الدولية وتحت بند الفصل السابع.