مواطنون: مهرجانات وبرامج وخطابات انتخابية "مزركشة" .. كلام بكلام .. ولاجديد تحت الشمس!

عصام  جلال المبيضين 

 هل نجحت بعض البرامج الانتخابيّة المزركشة، و"الشعارات الانتخابية" المُرصّعة على اللافتات البيضاء، والمُعلّقة على الأعمدة وحواف الجسور، والعمارات، يضاف إليها؛ الخطابات في المهرجانات في اجتذاب قطاع واسع من الجماهير الشعبية المحبطة، مع انطلاق ماراثون الهرولة  نحو الصناديق الانتخابيّة .

 فبينما تزخر بعض البرامج والحملات والشعارات الانتخابيّة، واللافتات في عناوين كـ"مكافحة الفقر" و"البطالة"، و"الحل عندنا" و"العدل والمساواة"، "نعم نستطيع خدمتكم"، "التأمين الصحي الشامل"، و"التعليم المجاني"، و"تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص"، ومحاربة الفساد والبطالة والفقر"، و"التغيير وهمكم"..إلخ  

وفي خضم حُمّى الديمقراطيّة؛ رُفعت اللافتات والملصقات في الشوارع والأرصفة، وعلى جدران بعض الأبنية والمحال التجاريّة، و(أسطحة) العمارات الكبيرة في المحافظات والبوادي والمخيمات،

 وفي الوقت نفسه؛ أقيمت مئات المهرجانات الخطابيّة؛ واضطر أنصار عشرات المرشحين إلى حجز بعض المواقع الاستراتيجية  في العاصمة والمحافظات؛ لتوزيع اللافتات والصور الملصقات عليها.

ويخوض الانتخابات النيابيّة الحالية سياسيّون وحزبيّون ورجال أعمال ووجهاء وشيوخ وبعض الشخصيات من الأثرياء الجدد، الذين يسعى بعضهم إلى الصعود نحو الأعلى ضمن تحالفات أفقيّة وعموديّة. 
 
وفي الوقت ذاته؛ فإن الحملات الانتخابيّة ساهمت بشكل ملموس في إنعاش عدد من القطاعات التجاريّة في فترة وصفت "بالمشمشية" التي تشهد ضخ الملايين إلى جيوب الخطّاطين، ومحلات تأجير الكراسي، والمطاعم التي تُقدّم المناسف، ناهيك عن محلات الحلويات بكافّة أصنافها، والكنافة في مقدمتها، إضافةً إلى الوعود بتأمين وظائف مؤقتة للعاطلين عن العمل وغيرهم.
 
  وعلى العموم  يظل  الشعار الانتخابيّ حسب المفاهيم والتجارب؛ هو (الجوكر) أو الكلمة المفتاحيّة لجميع القوى السياسية؛ لذلك يبحث كل حزب أو قائمة أو شخص عن نقطة حل أو بؤرة أو شيفرة؛ يتم استخدامها للتأثيرعلى القاعدة الشعبية، ودغدغة  المشاعر الجياشة عبر مونولوج معقد، وعمليات تحكّم نفسيّة؛ للوصول إلى الأهداف.

من هنا؛ كانت ولا تزال، وستظل شعارات بتعدد مضامينها وتنوعها فاكهة الموسم الانتخابيّ، بعضها نجح في وقعه على الناخب؛ فشرع صاحبه بتثبيته، و أصبح بمثابة (براند) خاص به، وبعضها الآخر لا يحاكي الواقع، لهذا؛ يغيّر البعض ويبدّل -وفق المنهج البراغماتيّ-   بحسب أجواء كل موسم وتوجهات الناخبين. 

وفي القراءة  المتفرقة للمشهد الانتخابيّ؛  يحرص بعض المرشحين على  الصورة والأناقة من ديكتاتوريّة الصورة  وسطوة على الناخبين؛ من خلال تركيز الاهتمام على مظهرهم الخارجيّ  في خطابهم الموجّه نحو الجمهور، في حين اختار آخرون التخلي عن البدلة الرسميّة وربطة العنق، والألوان الزاهية، والصورة والخلفيّة،  سواءٌ عبر ملصقاتهم الدعائيّة، أو في جولاتهم داخل المدن. 

وبين هذا وذاك، ومع بقاء أيام  معدودة  قبل بدء ماراثون الهرولة  نحو الصناديق الانتخابيّة؛  تظهر برامج  بعض المرشحين على "مشرحة" التحليل العاجل، والتفكيك الفوريّ، كما تظهر العديد من الشعارات الحالمة والأيديولوجية وغير الواقعية، والتي تخالف بحسب خبراء ومحلّلين أبسط قواعد العمليّة الديمقراطيّة، التى لا ترتبط  بمواقيت ومحددات وخارطة طريق حول كيفيّة الوصول، وهذا نص يتوجب من أجل احترام الناخب، وعدم التغرير به؛ عبر شعار " نكون أولا نكون"، والهدف وراء كل ذلك؛ هو السعي وراء الكرسي في قبة البرلمان، حيث أنّ  كل الطرق تؤدي إلى (العبدلي). 


 وفي غمرة المشهد الانتخابيّ؛ تجابه بعض  الأحزاب والقوائم الفرديّة  مستقبلا حكومةً لها برنامجها الخاص، والاتفاقات الملزمة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ما يثير التساؤل حول دور القائمة الحزبيّة المتوقع  أن ترفع الصوت، وتحجب الثقة - بأحسن الأحوال-  عن الحكومة  تحت القبة. وكفا الله المومنين شر القتال 

 من جهة أخرى؛ قابل آلاف المواطنين  بعض اللافتات  بلا مبالاة شديدة، باعتبارها "لزوم ما لا يلزم"، مؤكدينَ أن شعارات بعض المرشحين مستهلكة، ولا جديد فيها، فيما قال آخرون أنّها قد أكل الدهر عليها وشرب، خاصةً، أنّ أغلبهم يعيشون أوضاعًا اقتصاديّةً متردية.

إلى ذلك، تظل تجارب الماضي مُهيمنةً على المشهد الانتخابيّ، حيث يتساءل بعض المواطنين لماذا لا يقدم  بعض النواب السابقون كشف حساب للناخبين حول منجزاتهم ومدى التزامهم ببرامجهم ووعودهم الانتخابيّة؟ ولماذا أخفق بعضهم في تطبيق شعاراتم بعد مرور (4) أعوام شمسيّة من الزمن النيابيّ؟ ولماذا عاد بعضهم؟ وما هو الجديد تحت الشمس؟ وأين غدتْ شعاراتهم الرنّانة سابقًا؟ وكم كانت معدلات البطالة والفقر ومؤشرات الوضع الاقتصاديّ وقتما استهلوا عملهم البرلماني؟ وهل ذهبت وعودهم الانتخابيّة أدراج الرياح؟ وهل التزموا بـ"وقفوهم إنهم مسؤولون"؟!.

أما فيما يخص؛ ظاهرة نائب الخدمات؛ فهي في طور الاندثار؛ وذلك مع تكدّس طلبات الآلاف المؤلّفة من الناخبين لهم، وعجز هؤلاء عن تلبيتها، والتي تتمحور؛ حول طلبات التوظيف والتعيين، وإنشاء المستشفيات، وتعبيد الطرق، فيما أزفت مرحلة نائب الخدمات موضوعيًّا وذاتيًّا.

ورصد سياسيّون ومحلّلون ومرشّحون للانتخابات المقبلة الاحتقان الشعبيّ جراء أزمات الفقر والبطالة، مع تنامي مشاعر اليأس من مقدرة المرشحين في حال أصبحوا نوّابًا على إجراء تسويات مع السلطة التنفيذيّة التي سحبت كافّة الأوراق من بساط النوّاب، وهذا ما يؤكّده مختصون في الشأن الانتخابيّ أنّ النوّاب المُنتخبين سيكتشفون بعد مرور فترة على انتخابهم أنّ هنالك فارقًا نوعيًا بين الشعارات الانتخابيّة المتلألأة على اللافتات والملصقات، وبين القدرة على التطبيق والتنفيذ وتحويلها إلى واقع ملموس.

  وفي الختام؛ فإنّ الصدمة ستتبدّى على وجوه بعض النواب الجدد، وهي تتعلق في انهمار آلاف المكالمات، والاستدعاء والطلبات من المواطنين في التوظيف، ونحن نشيح البصر والبصيرة، ولكن في خضم الخطاب الديماغوجيّ ذي المضامين الرنّانة والمصطلحات الطنّانة، وحبال الوعود الواهية، وحماس الجموع؛ ينطبق القول المأثول:"حدّث العاقل بما لا يعقل؛ فإن صدق فلا عقل له".