الاحتلال ينتقل إلى المرحلة الثانية وموازين الاستدارة

نسيم عنيزات

بعد 11شهرا من حربها الهمجية وابادتها الجماعية لقطاع غزة ورفضها وقف إطلاق النار والقبول بصفقة تبادل، واضعة العقبات والعراقيل لاطالة امد الحرب فإن الامر ليس عبثيا، بل لتحقيق أهدافها الحقيقية وفرض مشروعها على المنطقة.
وعلى الرغم من عدم تحقيق هدفها الابرز لغاية الآن بتهجير اهل القطاع بسبب الموقف المصري الرافض لتحقيق رغبة اليميني اليهودي المتطرف نتن ياهو وزمرته، لافراغ قطاع غزة مع كل ما ألحقته من دمار في القطاع لم يشهد مثله التاريخ الحديث، بقتلها الأطفال والنساء وتدمير جميع مقومات الحياة بما فيها دور العبادة والمدارس والمستشفيات وفرضها حصارا مطبقا على قطاع غزة مانعة الماء والهواء.

فان دولة الاحتلال الإسرائيلي بدأت بالانتقال نحو تنفيذ مرحلتها الثانية من خطتها التهجيرية خدمة لمشروعها الصهيوني بيهودية الدولة وتفريغ الأراضي المحتلة من اصحابها الحقيقيين وتهجيرهم إلى دول الجوار.

وطالما كانت تخشى من عقدة الأكثرية الفلسطينية فان المتطرفين في دولة الاحتلال يعتقدون بأن هدف يهودية الدولة لا يمكن أن يتحقق الا بتهجير مليوني فلسطيني على الاقل خارج أراضيهم ليبقى الفلسطينيون اقلية دون اي تأثير سياسي في المستقبل ويقبلون العيش في ظل دولة الاحتلال وقوانينه، حيث بدأت قوات الاحتلال باقتحام الأراضي الفلسطينية واستباحة دماء سكانها وهدم منازلهم، معتقدة بأن ما اقترفته ايديها الملطخة بالدماء في غزة سيشكل درسا لأهل الضفة مما يسهل عليها المهمة وسرعة الإنجاز نحو التهجير.

ان ما يجري في غزة ليست حربا وابادة جماعية فقط، بل هناك مشروع صهيوني امريكي يتمثل بإنهاء الحلم الفلسطيني بإقامة دولتهم وفرض واقع جديد على الأراضي الفلسطينية، والاتجاه نحو مشروع سياسي اقتصادي في المنطقة والاقليم، ضمن تحالف يستهدف ايران وحزب الله على المدى المتوسط.

فان ما تسعى اليه إسرائيل هو زعامة المنطقة بما يضمن لها أمنا واستقرارا ووجودا على اراض ليست لها لعقود طويلة يتجاوز عقدة الثمانين في معتقداتها والانتقال لمرحلة جديدة من عمر دولته المزعومة.

وبعد فشل مخططها بالتهجير القسري لأهل غزة على الرغم من حربها التي تقترب من السنة، والتي على ما نعتقد ان هذه المدة الطويلة لم تكن في حساباتها الا انها كانت ضمن خياراتها.

فإنها تتجه إلى جبهة اخرى وهي الداخل الفلسطيني مع تشابكها في القطاع حيث كانت تخطط بأن تنفرد بكل جهة على حدة الا ان الوقت لم يعد لمصلحتها ليشكل ما يحصل في غزة درسا لفلسطينيي الداخل لتسهيل المهمة وتهجيرهم إلى الأردن الذي يدرك نظامها هذا المخطط وحذر منه منذ بداية العدوان.

كما اتخذ موقفه بالتنسيق مع مصر العربية بانه لن يسمح بالتهجير ولن تكون اراضينا حلا لعقدة المتطرفين وعلى حساب إقامة الدولة الفلسطينية.

فان المرحلة الحالية بالنسبة لدولة الاحتلال ليست لبنان او حزب الله بقدر ما تتمثل في القضاء على حماس وتدمير غزة وتهجير الفلسطينيين من الأراضي المحتلة وفرض تحديات على الاردن تجبرها على القبول بتنفيذ خططها.

فان جلوس حماس على طاولة المفاوضات وفرض شروطها في صفقة التبادل وصمود الفلسطينيين على أرضهم، سيقلب المعادلة واجبار الإسرائيليين على الاستدارة والدفع نحو فصل جديد وتعاطٍ مختلف بعد إسدال الستارة على الفصل السابق.