مؤتمر الحزب الديمقراطي الأميركي



حمادة فراعنة

لم تُفلح كاميلا هاريس تجاوز الانحياز التقليدي الأميركي للمستعمرة، ولم تتقدم نحو نقلة جوهرية إلى الأمام باتجاه العرب والمسلمين الأعضاء لدى مؤتمر الحزب الديمقراطي، الذي عُقد في شيكاغو، الذي قرر ترشيحها للرئاسة مع تيم والز لنائب الرئيس.

بداية ارتكبت إدارة حملة هاريس خطيئة، ستدفع ثمنها أنها سمحت لعائلة أسير إسرائيلي بالصعود إلى منصة المؤتمر، بينما رفضت السماح لشخصية فلسطينية أميركية بالتحدث أمام المؤتمر بأي شكل حتى ولو لخمس دقائق، ليتحدث عن معاناة أهل غزة وحجم المأساة التي تعرض لها أهله ومعارفه، على يد جيش المستعمرة الإسرائيلية، المدعوم بالسلاح الأميركي.

وعلقت ريما محمد ممثلة ولاية ميتشغان بقولها: «إن خطاب هاريس أمام المؤتمر، أضاف إلى خيبة الأمل إزاء رفض المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي السماح لعضو فلسطيني بالتحدث». وأضافت «أنا في الواقع أكثر قلقاً الآن، لأن الحزب سيخسر ولاية ميتشغان في الانتخابات».

هاريس في خطابها أمام المؤتمر أكدت على أنها ستلتزم: «بالوقوف دائماً إلى جانب حق إسرائيل- المستعمرة- في الدفاع عن نفسها، وستعمل على ضمان قدرة إسرائيل- المستعمرة- دائماً على الدفاع عن نفسها».

ولم تنتبه هاريس إلى آلاف المحتجين طوال انعقاد المؤتمر ضد سياسة الولايات المتحدة المؤيدة للمستعمرة والداعمة لها عسكرياً ومالياً، ووفرت لها الغطاء السياسي لمواصلة هجومها الشرس الفاشي ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة وأن شيكاغو حيث انعقاد المؤتمر تضم عدداً كبيراً من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وهي بحاجة لهم في معركتها الانتخابية، وقد علق عباس علوية أحد الذين عملوا على حشد المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين خارج المؤتمر، علق على موقف هاريس بقوله:

«إن هاريس أضاعت فرصة لكسب هؤلاء الناس الذين يعيش الكثير منهم في ولايات مهمة مثل ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا وأريزونا» وهي ولايات متأرجحة سبق لها وأن لعبت دوراً أساسياً في نجاح بايدن في مواجهة معركته الانتخابية ضد ترامب، حيث توجد لديها مدن يسكن فيها أعداد وازنة من المسلمين والعرب، وشيكاغو حيث مقر انعقاد المؤتمر تضم أكبر جالية فلسطينية في الولايات المتحدة، كما أن شباب الجامعات الذين انتفضوا ومارسوا احتجاجاتهم ضد مجازر المستعمرة ضد الفلسطينيين، هم من هذه الولايات، وهذا ما يُفسر المظاهرات الاحتجاجية التي رافقت انعقاد المؤتمر في شيكاغو.

لا أحد يتوهم أن انقلاباً في الموقف الرسمي الأميركي نتاج مواقف الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري سيحصل أو سيتم، فالنفوذ الصهيوني اليهودي الإسرائيلي ما زال متمكناً ونافذاً بسبب عوامل عديدة ليس أولها نفوذ الطائفة اليهودية المنقسمة سياسياً، ولكن هذا يعود لنفوذ ما يمكن إطلاق الوصف عليه «المسيحية الصهيونية» الذين يؤمنون بالتوراة والعهد القديم، وهم بعشرات الملايين، إضافة إلى المصالح الاستراتيجية الأمنية الأميركية المشتركة مع سلوك المستعمرة الاستعماري التوسعي الذي يضمن بقاء المصالح الأميركية نافذة ومتسلطة، وكذلك غياب فعل عربي مؤثر ضد المصالح الأميركية في العالم العربي.

ولكن احتجاج شباب الجامعات الأميركية، وتصريحات بعض القيادات اليهودية وتنصلها من الصهيونية ورفضها جرائم المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني، ونهوض الجاليات الفلسطينية و العربية والإسلامية الأميركية، ووعيها للدفاع عن مصالحها القومية، مقدمات حيوية مهمة نحو مستقبل أفضل يمكن أن تصنعه الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية لصالح الشعب الفلسطيني وضد المستعمرة الإسرائيلية، لدى الولايات المتحدة الأميركية.