سياسيون وقانونيون: حسم أردني بقيادة الملك بوجه الانتهاكات الإسرائيلية
حسم أردني، وقول لا مجال به للجدال، وغياب للمساحات الضبابية فيما يتعلق بخطورة تطور الأوضاع في الضفة الغربية، وهجمات المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين، والانتهاكات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، إضافة للحرب على الأهل في غزة التي قاربت أن تصل بأيامها لعام كامل، فقد حسم بحزم جلالة الملك عبدالله الثاني بقول واحد خطورة ما تشهده الأراضي الفلسطينية وبضرورة «التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة هو الخطوة الفورية التي يجب اتخاذها لوقف دائرة العنف في الإقليم، مشددا على أنه لا يمكن للمنطقة أن تبقى رهينة لسياسات التطرف والتصعيد».
ولم يغب التنبيه والتحذير عن حديث جلالة الملك وتحميل المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية مسؤولياتها لوقف ما تشهده الأراضي الفلسطينية حيث «شدد جلالة الملك على ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة بدور أكثر فاعلية في الدفع لوقف الكارثة الإنسانية في القطاع، وإيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين»، فهو قول جلالة الملك الذي حسم كل ما يحدث ووضع حلولا عملية وحقيقية في تطبيقها رؤية عملية لإنقاذ المنطقة من انتهاكات إسرائيلية تزداد تطرفا وعنفا يوما بعد يوم.
وضع جلالة الملك على طاولة البحث أمس خلال لقائه بحضور ولي العهد وفدا من أعضاء الكونغرس الأمريكي، واقع حال الأراضي الفلسطينية والمقدسات والقدس الشريف، محذرا جلالته بوضوح «من خطورة تطورات الأوضاع في الضفة الغربية»، واضعا محددات للخروج من الأزمات التي توالي فصولها على الضفة الغربية وغزة والمنطقة، ففي وضع الحقائق نصف الحل، ونصف العلاج، وحضرت رؤية جلالة الملك ورسائله بقوة وحسم حازم دون غياب لأيّ من تفاصيل الواقع.
وفي إطار توجيهات ورؤية جلالة الملك عبدالله الثاني أكد رئيس الوزراء خلال جلسة مجلس الوزراء أمس الأربعاء أن هذا السلوك العدواني يشكل خرقاً فاضحاً للواجبات المفروضة على إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال للضفة الغربية ويضاف إلى سجل العار للانتهاكات الإسرائيلية لمنظومة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقوانين الناظمة لواجبات القوى باعتبار إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأعاد الخصاونة التأكيد على أن «موقفنا واضح وثابت بالرفض الكامل والمطلق لأي إجراءات من شأنها أن تفرض واقعاً مرتبطاً بأيِّ تحرُّك للسكان خارج قطاع غزة وخارج الضفة الغربية وخارج فلسطين المحتلة بأي اتجاه كان ونعتبر ذلك خطاً أحمر نعيد التأكيد عليه مرة أخرى».
وفي لغة واضحة، قال رئيس الوزراء «صدرت تصريحات غير مسؤولة وخطيرة عن بعض الوزراء العاملين في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك وزراء سياديين تتحدث عن هجرة وتهجير لأهالي وسكان الضفة الغربية، وبهذا الصدد نقول بأن كل خياراتنا مفتوحة بما فيها اللجوء إلى القضاء الدولي والكثير من الوسائل المتاحة لنا بحق مثل هؤلاء الأفراد وبحق مثل هذا السلوك وهذا التصرف، فضلاً عن إخضاع الكثير من هذه القضايا لمراجعات تنسجم تماماً مع التزامنا أولاً بالسلام كخيار استراتيجي».
هو موقف أردني صدر عن رئيس الوزراء بوضوح دون أي ضبابية أو صيغ تحيطها زخرفة القول أو التخفيف من حدّة ردة الفعل، نعم، كافة الخيارات متاحة أمام الأردن ولن يبقي شيئا في أدراج الانتظار، أو يؤجل من إجراءاته، فلا بد من الوصول لتحقيق الثوابت الأردنية المرتكزة على حل الدولتين واحترام «حق الفلسطيني المتأصل في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة والنَّاجزة على خطوط الرَّابع من حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وحل كل القضايا الجوهرية المرتبطة بذلك بما فيها قضايا اللاجئين والحدود والمستوطنات والأمن بما يتسق مع الشرعية الدولية والمصالح العليا للمملكة الأردنية الهاشمية المرتبطة بكل هذه القضايا».
موقف أردني جاهرت به عمّان أمس، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وبحسم لا مجال به لأي ضبابية، موقف يجمل أبعادا سياسية وقانونية، موقف الأخذ به على محمل التطبيق الفوري مسألة مهمة يجب أن يلجأ له المجتمع الدولي والإقليم، ففي ترك الواقع على ما هو عليه دمار للمنطقة، وتبعات كارثية على السلام.
وأكد سياسيون وقانونيون أن الموقف الأردني هو الأكثر وضوحا خلال المرحلة الحالية التي تشهد بها المنطقة أحداثا هي الأكثر تأزما منذ سنين، مشيرين إلى أن رؤية جلالة الملك وتشبث جلالته بالثوابت الأردنية والحديث بكل وضوح عن واقع الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة في فلسطين والحرب على غزة رؤية ثاقبة مهمة حاسمة وبذات الوقت حازمة.
وفي رأي قانوني رأى قانونيون أن الأردن كما أكد رئيس الوزراء أمس أمامه خيارات مختلفة للرد على الانتهاكات الإسرائيلية تحديدا فيما يتعلق بالاعتداءات الخطيرة على المقدسات والقدس الشريف، ففي ذلك اعتداء على الوصاية الهاشمية التاريخية والمؤكد عليها وفق لاتفاقيات دولية، ناهيك عن وجودها في معاهدة السلام، ما يجعل من الحجة الأردنية القانونية قوية بهذا المجال باللجوء للقضاء الدولي.
نوفان العجارمة
الوزير الأسبق، رئيس ديوان الرأي والتشريع الأسبق الدكتور نوفان العجارمة قال إن موقف جلالة الملك ورؤيته الثاقبة تجاه القضية الفلسطينية والمقدسات تحديدا مقدّرة جدا، وعظيمة، وأصبحت جزءا من لا يتجزأ من موقفنا وثوابتنا الأردنية.
ولفت د. العجارمة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي هو قوة محتلة في القدس، ولا يحق له قانونا أن يغير شيئا بها، والتغيير كقوة احتلال أمر مخالف للقوانين الدولية والاتفاقيات ومعاهدة السلام، وبالتالي فالموقف الأردني في الدفاع عن المقدسات محسوم وقانوني، هذا فيما يتعلق بالجانب القانوني والسياسي.
ولفت د. العجارمة إلى أننا في الأردن ننظر لموضوع القدس وحماية المقدسات على أنه واجب وطني وديني، من صميم واجبنا دفاعنا عن المقدسات الإسلامية، علاوة على الموقف القانوني للأردن واتفاقية السلام التي تتضمن نصا خاصا يراعي الوضع الأردني بالقدس، فمنطلقنا السياسي والديني والقانوني وإرثنا العربي والديني يدفعنا باتجاه أن نحافظ على المقدسات، وإسرائيل قوة احتلال ووجود غير شرعي.
عبد الفتاح صلاح
الوزير الأسبق عبد الفتاح صلاح أكد أن جلالة الملك عبدالله الثاني هو صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وبالتالي فكل من يقوم بإجراءات خلاف ذلك فهو يخالف القوانين والاتفاقيات ومعاهدة السلام، وهو ما أكد عليه جلالة الملك أمس، فالقدس خط أردني أحمر على إسرائيل أن تدرك ذلك، ونحن نتحدث عن القدس بوصلة الأردنيين كما أكد جلالة الملك بمسؤولية سياسية ودينية واجتماعية.
وقال صلاح إن ما تحدث به رئيس الوزراء أمس أمر في غاية الأهمية، فكل الخيارات متاحة أمام الأردن لحماية فلسطين والمقدسات، وحسم صون المقدسات، فليس للاحتلال أي ذريعة أو حجة لتغيير أي شيء من الواقع الزماني والمكاني للقدس، وهو ما أكد عليه الأردن أمس بوضوح وحسم لا يدع أي مجال للجدال.
ليث نصراوين
أستاذ القانون الدستوري الدكتور ليث نصرواين، قال إن الانتهاكات بالضفة الغربية هي استمرار لما تقوم به الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة منذ قرابة العام على أهلنا في غزة، من خرق لقواعد القانون الدولي وكافة الثوابت الإنسانية، ليأتي اجتياح الضفة الغربية مكملا لذلك، وإضافة إلى كل جرائم الاحتلال المدانة، وهي بالطبع مجرّمة وفق القانون الدولي وقوانين الأمم المتحدة.
ولفت نصراوين إلى أن القدس منطقة محتلة ويجب المحافظة عليها دون أي تغيير في واقعها الجغرافي والتاريخي، وقرارات مجلس الأمن واضحة، فهذه أراض يجب المحافظة عليها دون أي تغيير زماني ومكاني، لكن ما نشاهده اليوم من جرائم واستيلاء على الأراضي وتغيير في البنية التحتية كل ذلك تشويه وتغيير لملامح القدس الشريف، وهذه مخاطر حقيقية حذر منها الأردن بقيادة جلالة الملك، وهي مخالفات يخالف بها الاحتلال جميع القرارات الدولية.
وبين نصراوين أن الأردن باعتباره الوصي على المقدسات أمميا وقانونيا ملتزم بشكل كبير بالمحافظة على الوضعية التاريخية للمدينة، وكل القوانين تدعم موقفه هذا، وبالتالي فكافة الحقوق الدولية وطرق الآليات الدولية من خلال الأمم المتحدة والمحاكم الدولية يمكن أن يلجأ لها الأردن، مبينا وجود قضايا حاليا، لكن أيضا يمكن رفع قضايا أخرى، إضافة للبعد السياسي في فضح هذه الانتهاكات.
الدستور - نيفين عبد الهادي