عتاب لا إحباط فيه!
بشار جرار
وحده عتاب المحبّ الذي لا إحباط فيه، لكن ليس دائما. فبعض ما نرى ونسمع ليس فقط مما يحبط بل مما يؤسف له وعليه إلى حد النأي بالنفس، بمعنى «لا عين تشوف ولا قلب يحزن».
ظننتها ظاهرة محلية، حتى أخذتني دروب الحياة الخاصة والعامة إلى بلاد ظننتها عصية على المحبطين -بكسر الباء وفتحها- فعلمت يقينا أنها سنّة الحياة وطبيعة البشر، ولعلها حكمة ربانية لا نفقه معانيها ولا نتعلم دروسها الثمينة إلا بعد حين.
قبل أيام ثار تايم لاين في بلد شقيق على خبر في الحياة الثقافية أو الترفيهية مفاده إن شخصية مشهورة حظيت بفرصة كبيرة للغاية، بقيمتها المالية والمعنوية أيضا. الامتعاض الذي بلغ حد الاعتراض الأديب -دون تجاوزات باسم الحميّة- مردّه أن المذكور -وتعمدت تجاهل اسمه ورسمه- ذلك المذكور البعيد، من فصيلة المسيئين لغايات لفت الانتباه ومن ثم التكسب الرخيص. النوع المقيت المعروف بالنباح حتى يتم تلقيمه عظمة يلتهي بها إلى حين، فيرجع إلى سيرته الأولى. تلك الأشكال الوضيعة، لا تشبع أبدا.
ليس سرا أن هذه المدرسة بالإدارة أو السياسة موغلة بالقِدَم. ثمة من ينصح بتقريب العدو قبل الصديق لإدامته في دائرة الرقابة المحكمة وبالتالي المحاسبة السريعة والموجعة، إن لزم الأمر. وثمة -من أيام ما قبل الرومان في مشرقنا العظيم- من اعتمد هذه الطريق بالإصلاح والتأهيل بمعنى «طعمي التم بتستحي العين!» لكن كثيرا من أولئك -البعدا- لا يستحون ولا يرعون إلاّ ولا ذمة. لذلك كانت الغَضْبَة والصيحة بأن يتم التراجع عن القرار بخصوص ذلك المتكسّب الذي اتخذ من التندر وسيلة للتنمر، وغايته الشهرة عبر «الخفّة» طريقا إلى الثروة أو السلطة.
ومن ظن في الأمر مبالغة، فلينظر في سِيَر بعض الأسماء -ولا أريد ذكرها أيضا حرصا على المقام والمنبر- بعضها صار بقدرة قادر، من نجم أو حتى كومبارس كوميدي إلى زعيم قد يتسبب بحرب عالمية ثالثة!.
إن جاز الهمس من وراء سبع «بحار ومحيطات» لقلت راجيا، رأفة بذوي القلوب الضعيفة كفى تجريبا وتكريما للفاقدين، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولو أعطيته العالم كله. ذلك من قال فيهم ولهم السيد المسيح: ماذا يربح الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه..