الصمت
لارا علي العتوم
يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام وخمسين عاما ليتعلم الصمت، فالصمت فن من فنون الحياة وهو ليس فقط بمعناه التقليدي بانه الاحتفاظ بما يجول في خواطرنا، وما تنطق به أفكارنا في داخلنا او لمنع الاذى او حتى عدم الكلام عن فعل الخير او حتى عدم كثرة الكلام بل هو اعظم بكثير، وليس الجميع يُحسن فعله، فالبعض يصعب عليهم ترجمته والبعض الاخر اصبح جزءا من تكوينة فكرهم.
فمن يُتقن الصمت يداوم على السعى خلفه ويجعله من عادات حياته الأساسية ويجعله بداية طريقه نحو تطوير الذات، فقد يكون الصمت في حقيقة الأمر أحد وجوه التطور في حياة الإنسان، وهو يمس جميع نواحي الحياة وله الاثر الكبير فيها حتى سياسياً حيث يعتبر الصمت الاداة الفاعلة فالصمت السياسي شكلاً من أشكال الفاعلية السياسية، لانه يشكِّل موقفاً من المواقف المتَّخذة للتعبير عن الآراء، ولكن بطريقة مختلفة عن الكلام، وهي الطريقة الأكثر مرونة والأشد حساسية، فبعض الدول تأخذ من الصمت أداة فاعلة للحفاظ على تأثيرها، ولكن ليس جميع الدول استطاعت استخدام هذه الاداة بفاعلية، كصمت الدول العظمى عما يجري في غزة.
ففي العديد من الاحيان يكون الصمت اداة للتعبير عن الحزن او الغضب كما نحن فيه اليوم صامتون بقلوب تعتصر ولا ندري ماذا بقي لفعله لايقاف الابادة المستمرة.
صمت دول الغرب عن غزة هو الاداة التي يستخدمونها للتنصُّل من أيِّ تصريحات قد تؤدي إلى تداعيات عديدة غير محسوبة ولا يريدونها واصبح من الواضح لنا جميعاً بأن صمتها هو الموافقة الضمنية خاصة تلك التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية والتي تعمل لصالح سير الخطة الاسرائيلية وسلامتها وهذا تناقض آخر نراه للدول الغربية في منطقتنا، لان الدول الغربية كانت اول من اطلق مسمى الاغلبية الصامتة في دولها لانها تتعامل مع الصمت السياسي كأنه نوع من انواع الخوف المبطن المصحوب بالخطر فتراها لا تتوقف عن كتف أحد حتى يدلي تصريحا او بياناً، فعلى سبيل المثال موعد الضربة الايرانية الذي اختفى كما ظهر حيث لم تتوقف الصحف الامريكية عن الحديث عن الموضوع حتى ظهور البيان او الخطاب الايراني بهذا الصدد، او ما يجري بين المرشحين للرئاسة الامريكية، نراهم كالذي ينتظر الاخر على كلمة ليسرد سيلا من الجمل، فبقدر ما يجري في غزة كبير الا انه كشف العديد من التناقضات التي لم نكن لنراها.
حمى الله أمتنا
حمى الله الاردن