رفض الانسحاب من محور « فيلادلفيا» يفشل المفاوضات

علي ابو حبلة

إن المحادثات التي جرت في القاهرة من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لم تفلح في تحقيق تقدم ، وبحسب مصادر مصرية فشل الوسطاء في تحقيق أي اختراق في العديد من النقاط الخلافية لتمسك نتنياهو بشروطه بخصوص محور فيلادلفيا وإصرار نتنياهو على تواجد قوات احتلاله وكذلك ممر نتساريم الذي يقسم قطاع غزة إلى نصفين حيث يمر عبر وسطه، وتتمركز فيه قوات إسرائيلية ترفض إسرائيل إخراجها منه.

وأضافت المصادر أن إسرائيل أبدت أيضا تحفظات بشأن عدد المعتقلين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، كما طالبت بخروجهم من غزة إذا تم إطلاق سراحهم ، وتصر على فحص الفلسطينيين حيث ترفض حماس ذلك وتصر على عودة النازحين إلى شمال القطاع الأكثر اكتظاظا بالسكان، عندما يبدأ وقف إطلاق النار.

وفشلت جولات من المحادثات على مدى أشهر في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الإسرائيلية المدمرة في غزة أو إطلاق سراح الرهائن المتبقين في حوزة حماس في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على مستوطنات «غلاف غزة» وبلدات في غلاف غزه بالجنوب.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في مؤتمر صحافي عقده في هاليفاكس بكندا، إن واشنطن لا تزال تبذل جهودا «حثيثة» في القاهرة مع وسطاء من مصر وقطر وأيضا مع الإسرائيليين، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الرهائن.

ومرة أخرى يفشل نتنياهو المحادثات في القاهرة لرفضه التقيد ببنود مقترحات بإيدن لوقف إطلاق النار والتوصل لعقد صفقه لتبادل الرهائن وإصراره ، برفض الانسحاب من محور « فيلادلفيا» على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وهو مشمول بملحق في اتفاق كامب ديفيد ونتيجة ذلك فشلت الجهود المصرية والقطرية بالرعاية الأمريكية على تسجيل اختراق يذكر ، وبينما أشار مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سولي فان إلى استمرار الاتصالات، نقلت وكالة « رويترز» ليل أمس عن مصدرين أمنيين مصريين قولهما ان المحادثات انتهت من دون اتفاق، وان إسرائيل وحماس رفضتا مقترحات التسوية التي قدمها الوسطاء.

هناك ضغوط متزايدة تمارس على نتنياهو لضرورة التوصل لعقد اتفاق خاصة بعد الرد الذي نفّذه « حزب الله» ضد إسرائيل، وباتت الخشية الحقيقية من مخاطر توسّع الحرب لتشمل دول الإقليم إذا ما استمرت الحرب في القطاع، أو هذا على الأقل ما عكسته تصريحات بعض المسئولين الإسرائيليين، ولا سيما وزير الحرب، يوآف غالانت، الذي اعتبر أن « إسرائيل « اليوم على مفترق طرق استراتيجي، يحتّم عليها التوصل إلى صفقة في غزة، ومن خلالها فتح إمكانية « التوصل إلى اتفاق مع حزب الله» في الشمال.

وبعيد عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض ، والذي ضم رئيس جهاز « الموساد» ، ديفيد برنياع، ورئيس جهاز « الشاباك» ، رونين بار، من القاهرة، مساء أمس، بعد ساعات قليلة من توجّهه إليها، من دون تحقيق أي اختراق، نقلت « هيئة البث الإسرائيلية» عن مصادر قولها إن «احتمال التوصل إلى اختراق في مفاوضات القاهرة ضئيل»، مضيفة أن «التفويض الذي حصل عليه الوفد الإسرائيلي لا يسمح بالتوصل إلى تسوية بشأن محور فيلادلفيا». وعلى رغم أن نتنياهو ما زال يعارض التسوية، خشية سقوط حكومته بانسحاب الوزراء المتطرفين منها، إلا أن توجيه ضربه من قبل حزب الله نتج عنه المزيد من الضغوط الداخلية والخارجية، سواء من قبل وزراء مثل غالانت، أو من عائلات الأسرى، أو من الأميركيين الذين بدوا معنيين بعدم توسيع الحرب، وهو السبب الأساسي وراء إحياء المفاوضات التي كانت متوقّفة، بعد تهديد إيران وحلفائها بالرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر في بيروت.

وفي هذا السياق، جاءت تصريحات غالانت الذي اعتبر أن « علينا النظر بطريقة إجمالية إلى الحرب. نحن على مفترق استراتيجي ونحتاج إلى اغتنام المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، ومن خلال ذلك لفتح احتمال اتفاق في الشمال لتهدئة المنطقة». وأضاف: «نحن نعمل عسكرياً ونستعد كما لو أننا لن نتوصل إلى اتفاق. ونحن جاهزون في أي لحظة لحرب في الشمال، لكن ليس هذا ما نفضّله، وما زلنا نعطي فرصة لاحتمال التوصّل إلى اتفاق».

أمام انغلاق الأفق للتوصل لتسوية وعقد صفقة لوقف إطلاق النار و السيناريوهات المختلفة وتنذر بخطر انزلاق المنطقة لحرب إقليمية هل تنجح الجهود الداخلية للضغط على نتنياهو للتراجع والتوصل لعقد صفقه أمام إصراره على توسيع رقعة الحرب؟ فهل تنجح إدارة بإيدن فيما تبقى لها من وقت لكبح جماح نتنياهو لينصاع لضغوطها وفق ما تمليه مصالح أمريكا ومسار حملة كاملا هاريس الانتخابية.