«بلينكن» بعد «تسع» جولات... من التضليل والتواطؤ !!
محمد خروب
سادَ اعتقاد بأن «تغيّراً ما» قد يطرأ على الموقف الأميركي من مسألة تطبيق إتفاق 2 تموز الماضي, وقرار مجلس الأمن الدولي رقم/2735, عندما أجّلَ وزير الخارجية الأميركي/بلينكن, زيارته «التاسعة» للمنطقة, والتي كان سيبدأها من دولة العدو الصهيوني السبت الماضي, خاصة ان «التأجيل» إرتبطَ بعبارة لافتة, مفادها «ان لا شيئ جديداً طرأ, يدفع بلينكن للقيام بهذه الزيارة, لكن إلإعتقاد الذي ساد لثمانٍ وأربعين ساعة, لم يلبث ان تبدّد عندما هبط بلينكن في مطار اللد قبل ثلاثة ايام, وبخاصة بعد لقائه بمجرم الحرب الفاشي/ نتنياهو.
خرجَ علينا بائع الأوهام الأميركي, ومن قاعة السفارة الأميركية في القدس المحتلة, لـ"يزف» للعالم «بشرى» مُوافقة نتنياهو, على «المُقترَح» المعروض الذي قدّمَه له, ــ مضيفاً على نحو عدواني ــ أن الكرة الآن في مرمى حركة حماس, «إن كانت تكترِث لحياة الفلسطينيين في قطاع غزة»، وفق تعبيره. ولم يأتِ بذكر ولو بكلمة واحدة, على «إتفاق» الثاني من تموز الماضي, الذي قيل في «إنجازه» ان «حركة حماس» تحديداً, أبدتْ «مُرونة» لافتة, وما كان لهذا الإتفاق ان يتبلوَر, لولا «تراجُع» حماس عن بعض «شروطها». وبالذات في ما خصَّ وقفاً «شاملاً» لإطلاق النار, بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الإتفاق.
في الوقت ذاته،(وهذا هو المهم) لم يتردّد نتنياهو في إطلاق تصريح «ناري", بدأه بوصف إجتماعه مع بلينكن (دام 3 ساعات بالمناسبة) بانه, كان «اجتماعًا جيدًا ومهمًا", ولم ينسَ بالطبع تقديم الـ"شُكر» لإدارة بايدن,مُقدراً «بشدة» الجهود التي تستثمرها الولايات المتحدة,, في الدفاع الإقليمي ضد المحور الإيراني. وهذا بالطبع ـ أضافَ نتنياهوــ مهم بالنسبة لدولة إسرائيل»، وتابعَ «كما أنني أُقدر بشدة التفهمّ, الذي أبدته الولايات المتحدة لمصالحنا الأمنية الحيوية، في الوقت الذي نبذل فيه جهودنا المشتركة لإطلاق سراح الرهائن».
الإرتياح والرضى الذي عبر عنهما نتنياهو, لم يكن ليعلِنهما على الملأ, لولا أنه «ضمِن» مُوافقة بلينكن, على طلبه بـِ"دفن» إتفاق الثاني من تموز, وتجاوز قرار مجلس الأمن/ 2735, على النحو الذي تبدّى بوضوح في حملة الخِداع والتضليل الإعلامية, التي تفوح منها رائحة التواطؤ الأميركي مع الشريك الصهيوني, في حرب الإبادة والتجويع والتهجير والتدمير, التي يشنّها تحالف الشر الصهيو أميركي, على الشعب الفلسطيني منذ عشرة أشهر ونيّف. لهذا لا يتوقّف بلينكن, (كما رئيسه مهيض الجناح), منذ غادرَ الكيان العنصري الإستعماري, المُصاب سكانه بداء «التفوّق اليهودي» المزعوم, عن تحميل حركة حماس مسؤولية عدم «قبول", المقترح المُفخخ والأكثر خطورة على الشعب الفلسطيني, الذي يُروِّج له, مَن زار «إسرائيل» كـَ"يهودي».. وليس كأميركي, بعد «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/2023 مُباشرة.
وإذا كان مكتب نتنياهو قد «أكّد» في بيان له, إن نتنياهو في لقائه مع بلينكن, «جدّد» التأكيد على التزام إسرائيل بالمقترح الأميركي الأخير, بشأن إطلاق سراح الرهائن، والذي يأخذ في الإعتبار احتياجات إسرائيل الأمنِية ويُصِرّ عليها", فإن سيل التصريحات العنترية والمتشددة, التي يواظب نتنياهو على إطلاقها منذ مغادرة بلينكن الكيان الصهيوني, تعكس من بين أمور أخرى, مدى وحجم التماهي الأميركي مع مُخططات نتنياهو, التي لم يتخلّى عنها منذ اليوم الأول لحرب الإبادة والتهجير, التي تُشارِكه إدارة بايدن في تنفيذها ميدانيا وإستخباريا ودبلوماسياً, والتي وصلت ذروتها منذ إسبوعين, في الحشد العسكري الأميركي المهول, البحري والجوي واللوجيستي, للدفاع عن الكيان العنصري بعد جريمتي, إغتيال الشهيد إسماعيل هنية, والمسؤول العسكري لحزب الله اللبناني.
من هنا فإن ما تم تداوله عن «المُقترَح» الأميركي الـ"جديد", الذي كما سبق وقلنا «يدفن» إتفاق 2 تموز الماضي, بعد «مرونة» ابدتها حماس وتمت الإشادة بها, مِن مختلف الأطراف المنخرطة في «ماراثون» الوساطة, لا يتطابق فحسب مع «ورقة» تم تقديمها في شهر أيار الماضي, ولم تجد طريقها الى (الموافقة الفلسطينية), بل يستجيب لـِ"الشروط والمطالب الصهيونية الجديدة»، وفق المُقترح الذي يبدو ان نتنياهو هو الذي أعدّه وتم تبنبه أميركيا, كما «الأكذوبة» التي سُميّت «مشروع او مبادرة/بايدن, وتمت موافقة مجلس الأمن عليها بالقرار/2735, وكان نتنياهو «كاتبها", وها هم «الأميركان والصهاينة", القوا بها في سلّة القمامة, وأخرجوا «أرنباً» جديداً..أسموه «مُقترَحاً».
مُقترح اميركي مُفخّخ «لا» يشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار, بل ينص على «مناقشة» ‘وقف دائم للنار في المرحلة الثانية, وضمن سقف مُحدد»، لكنه يشترِط أنه (ما لم تُوافق حركة حماس على المطالب الإسرائيلية, «يعود» جيش الاحتلال إلى الحرب في المرحلة الثانية). كما يربط المقترح/الأميركي بين «إغاثة اهالي القطاع وتقديم المساعدات", بموافقة حركة حماس على (جميع البنود). في, الوقت ذاته الذي ينصب فيه/المقترَح, فخّاً صهيونيا أميركيا مُحكماً ينص على (تأجيل مفاوضات إعادة الإعمار, ورفع الحصارعن القطاع, إلى «ما بعد نتائج المرحلة الأولى").
هل ينجح تحاف الشرالصهيوأميركي في تمرير مقترَحِه المُفخخ هذا؟.
الإنتظار لن يطول, فالساعة «الإقليمية»..."تدُق».
kharroub@jpf.com.jo