في ذكرى إحراق المسجد الأقصى.. مطالبات بحمايته من خطر التهويد
علي ابو حبلة
يصادف الأربعاء الواقع في 21/8/2024 ذكرى أليمة للأمتين العربية والإسلامية تتمثل بإحراق المسجد الأقصى المبارك، ففي مثل هذا اليوم من عام 1969، أقدم الصهيوني الأسترالي الجنسية مايكل دينيس على إشعال النار عمدا في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى المبارك القبلة الأولى للمسلمين ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وذكرى جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك لهذا العام تأتي في إطار الصراع المحتدم في فلسطين مع المشروع الصهيوني، وهي حلقة من حلقات الاعتداء على المسجد الأقصى ومحاولة تهويده والتي تعود في جذورها إلى فترة مبكرة من القرن العشرين وربما قبله، انطلاقًا من قاعدة مفادها أن تدمير الأقصى مقدِّمة ضرورية لبناء الهيكل المزعوم، وأنّ تهويده خطوة مركزية لتأكيد سيادة الصهاينة على فلسطين.
السنوات الماضية، شهدت اعتداءات إسرائيلية متواصلة، بما في ذلك تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد بدءا من العام 2003، وملاحقة المصلين وحراس الأقصى وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية بالاعتقال والإبعاد عن المسجد. ومسيرة الإعلام خير شاهد على جرائم ومخططات الاحتلال.
وتتعالى الدعوات العلنية الإسرائيلية لبناء الهيكل على أنقاض الأقصى، وتغيير الوضع التاريخي في المسجد، والذي ساد منذ الفترة العثمانية حتى انتهكته إسرائيل منذ احتلالها للقدس عام 1967.
الهيئة الإسلامية العليا في القدس «لا تزال الجماهير الإسلامية في العالم كله، تستذكر حريق الأقصى المشئوم الذي وقع صباح الخميس في 21 أغسطس 1969، وذلك على يد المجرم (مايكل دنيس روهان) وعلى يد مجرمين آخرين لم يتم الكشف عنهم» وتشير الهيئة الإسلامية العليا عبر بياناتها إلى أنها «وجهت حينئذ الاتهام بشكل مباشر لسلطات الاحتلال، وحملتها المسؤولية عن الجريمة النكراء».
«بعد مرور خمسة وخمسين عاماً على الحريق المشئوم تزداد المخاطر التي تتهدد الأقصى بنيانًا وإنشاءً، فالحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى المبارك، وتحت جدرانه تهدده، والأنفاق التي تحفرها السلطات الإسرائيلية في البلدة القديمة من مدينة القدس هددت وتهدد المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية وتهدد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية في سلوان». وتهدد الشيخ جراح وان «البؤر الاستيطانية التي تزرعها سلطات الاحتلال في مختلف أرجاء المدينة المقدسة تهدد الوجود العربي الإسلامي في القدس، إنهم يستعملون كل الوسائل الإجرامية في سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم؛ فتزوير الوثائق يتم في أروقة المحاكم ومكاتب المحامين بدعم من سلطات الاحتلال، وأعمال البلطجة تتم في وضح النهار وتستهدف المجاورين للحرم القدسي قبل غيرهم».
ان مجموعة الكُنُس (دور العبادة اليهودية) التي زرعها الكيان الاسرائيلي وتخطط لزراعتها في منطقة «الواد» في محيط الأقصى «تستهدف كل وجود عربي إسلامي في القدس، ومنع المسلمين من الوصول إلى المسجد وتفريغه من المسلمين، وجعله متحفاً أثرياً لزيارة الغرباء».
إن سلطات الاحتلال تعرقل «أعمال الترميم الضرورية في المسجد الأقصى، وتفرض القوانين الإسرائيلية عليه، وتسلب الأوقاف الإسلامية صاحبة الحق الشرعي في صيانته وترميمه وإدارته، صلاحياتها».
ان تزايد الاقتحامات للمسجد مقدمة لتقسيمه زمانيا ومكانيا، وهو ما لا تخفيه جماعات يمينية إسرائيلية وأيضا مسئولون ومشرعون صهاينة .
وفي هذا الصدد، تؤكد الهيئة الإسلامية العليا أن مساحة الأقصى، هي 144 دونماً (الدونم الواحد ألف متر مربع) تشمل المسجد القِبلي الأمامي، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمصلى المرواني، ومصلى باب الرحمة، وكذلك المساطب واللواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك حائط البراق.
وإن هذا المسجد هو «للمسلمين وحدهم بقرار رباني إلهي من الله عزّ وجل، وهو يمثل جزءاً من إيمان ما يقارب ملياري مسلم في العالم».
وأن: «لا علاقة لغير المسلمين بهذا المسجد لا سابقاً ولا لاحقاً، كما لا نقر ولا نعترف بأي حق للصهاينة فيه، والفلسطينيون والعرب والمسلمون يرفضون الاعتداءات التي يقوم بها المتدينون وغلاة الصهاينهة من اقتحامات متوالية لرحاب الأقصى التي هي جزء منه».
ان قرار منظمة «يونسكو» الذي صدر واعتبر أن المسجد الأقصى «خاصا للمسلمين وحدهم، ولا علاقة لليهود به، وأن مدينة القدس مدينة محتلة، وأن إجراءات سلطات الاحتلال بحق المدينة هي إجراءات باطلة وغير قانونية، مع الإشارة إلى أن مدينة القدس تم وضعها على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في ظل الاحتلال منذ عام 1981».
وفي إشارة إلى محاولة حكومة تل أبيب تمرير قرارات قضائية إسرائيلية تمس من سلطات دائرة الأوقاف الإسلامية في المسجد، قالت الهيئة الإسلامية: «إن المسجد الأقصى أسمى من أن يخضع لقرارات المحاكم ولا الحكومات، وهو غير قابل للمفاوضات ولا المقايضات ولا التنازلات، كما أن الأقصى غير خاضع للبيع».
وبالذكرى ال 55 نتوجه إلى كافة الدول العربية والإسلامية لـ «تحمل مسؤولياتها تجاه المسجد»، وبضرورة دعم الجهود الأردنية بصفتها صاحبة الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس و: «يتوجب على الحكومات في العالم العربي والإسلامي أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه القدس والأقصى المبارك، وأن يتداركوا الموقف قبل فوات الأوان، ولات ساعة مندم، والله عزّ وجل سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى»
وأن منظمة المؤتمر الإسلامي وهي تضع على سلم أولوياتها المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية، مطالبه بالتحرك وعلى كل المستويات لمواجهة المخاطر التي تتهدد القدس والمقدسات فيها وتهدد القضية الفلسطينية وفضح الممارسات الإسرائيلية واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الرادعة بحق حكومة الاحتلال الإسرائيلي وتماديها وخرقها لكافة الاتفاقات والقوانين والمواثيق الدولية.