«صفقة التبادل» باتت في خبر كان
لما جمال العبسه
لم يخلف رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو التوقعات بل وتجاوزها بتصريحات عقيمة انما لا شك انها تلقى اهتماما من قبل المفاوض عنه والمتمثل بالادارة الامريكية التي تستجدي منه كالمعتاد اعادة النظر دائما فيما يشترطه بشأن صفقة تبادل الاسرى وانهاء الحرب الدامية في قطاع غزة، جاءت شروطه الثلاثين الجديدة والتي تتجاوز مفهوم التعجيزية، والتي توحي حتى للوسطاء او الرعاة بان هذا الفاشي لا يريد بحال من الاحوال انهاء المقتلة في القطاع.
«سد الفجوات وتقريب وجهات النظر» عنوان زيارة وزير الخارجية الامريكية توني بلينكن الحالية للمنطقة، بعد فشل جولة مفاوضات الفرصة الاخيرة كما اطلق عليها والتي انتهت الاسبوع الماضي في الدوحة، ولم تشارك بها المقاومة الفلسطينية المتمثلة في حركة حماس بعد ان اجرى نتنياهو عليها التعديلات التعجيزية، والاهم ان الحركة استبقت زيارة بلينكن باصدار بيان يبرئ ساحتها من اي تهم بإفشال هذه الصفقة.
النفاق الدبلوماسي الذي تمارسه الادارة الامريكية كراع سياسي ومفاوض موال اصبح فاض كأسه واصبح ليس ذا بال عند الكثير من اصحاب القرار حتى لدى الوسطاء اصبح هذا النهج متعبا لهم، خاصة وانه افقدهم القدرة على النقاش الموضوعي مع المقاومة الفلسطينية لاقناعها باتمام صفقة عادلة تنهي عذابات الفلسطينيين في القطاع.
عدا عن ذلك ترغب الادارة الامريكية باستمرار في حالة «الامر الواقع» وفرضه على الجميع، بالرغم من انكشاف انيابها السامة التي تداريها ابتسامة الديمقراطية وحقوق الانسان، فهي لا تكترث بمشاركتها الفاعلة في عملية الابادة الجماعية الدائرة في القطاع، خاصة وانها الداعم العسكري لهذه العملية من خلال جسور جوية وبحرية مليئة بالعدة والعتاد لدعم جيش الاحتلال الصهيو امريكي القائم بمجازر القطاع، بل واكثر من ذلك راعي حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها كما تدعي، عدا عن دعمها الدبلوماسي والسياسي في المحافل الدولية، كما انها توفر غطاء واقيا يمنع ايا من القرارات الدولية المتخذة ضد دولة الكيان الصهيوني منذ بدء مقتلة قطاع غزة.
الموقف الامريكي واضح تماما، فقد جعلت من نتنياهو بشخصه وعلاقته مع اعضاء من الحزب الديمقراطي الموالي له شخصيا والداعم لدولة الكيان الصهيوني قوة تتحكم في هذه الادارة بشأن الحرب في القطاع، بل ووضع هذه الادارة في مواقف محرجة لم تنقطع طوال فترة 10 شهور وهي عمر هذه الحرب الفاشية، بل ولا تتوانى عن العمل عند نتنياهو وجيشه كمساند ومساعد وموظف استخبارات كما شاء ووقتما يشاء ويأمر.
كل هذا تفسره الاراء والانتقدات على اساس الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية في تشرين الثاني المقبل، وعلى اساس ان كلا الحزبين يريد رضا نتنياهو صاحب العلاقات الجيدة مع اعضاء الحزبين والمؤثر عليها وفي اسوء الظروف على اساس ان الكيان الصهيوني يحمي المصالح الامريكية في المنطقة، وغيرها من المبررات الساذجة التي باتت لا تنطلي على احد.
الفرصة الاخيرة اصبحت في خبر كان والمفاوضات باتت مضيعة للوقت والسماع للوساطة الامريكية لا يسمن ولا يغني من جوع، فقد تجاوزت المقاومة الفلسطينية كل هذه الامور وانتقلت عملياتها حاليا لمدينة تل ابيب المدينة الاكثر تحصنا في اراضي فلسطين 1948، والتي يُطلق عليها «دولة تل ابيب» من شدة اهميتها وتحصينها.
ضمن الاحداث الحالية ليس مستغربا ان تطالب دولة الكيان الاسرائيلي بمفاوضات ليس لتبادل الاسرى بل لانهاء المقتلة والقبول بشروط المقاومة بعد تبني الأخيرة عملية التفجير في تل ابيب امس الاول وانها البداية لعودة مثل هذا النوع من العمليات التي ارهقت العدو الصهيوي واستجدى وقفها كما حدث في 2005.