مخالفات الدعايات الانتخابية بين المبالغة وحق المرشحين
نيفين عبدالهادي
واحدة من أهم مراحل العملية الانتخابية وأكثرها قربا للشارع، مرحلة الدعاية الانتخابية، حيث يبدأ المواطن في رؤية الانتخابات مجسدة باللافتات والآرمات الموزّعة في الشوارع، علاوة بطبيعة الحال على المقار الانتخابية، وغيرها من أشكال الدعاية الانتخابية التي تشكّل في مجملها نقطة إيجابية تسجّل للعملية الانتخابية في الأردن، ففيها يعبّر المرشحون عن آرائهم التي نقرؤها من خلالها ونعرفهم بها لاختيار من نراه مناسبا عند صندوق الاقتراع.
هناك تعليمات واضحة للدعاية الانتخابية من يتجاوزها يُخالَف، وقد ضبطت الهيئة المستقلة للانتخاب منذ بدء مرحلة الدعاية الانتخابية أكثر من (1800) مخالفة، بمعنى أن هذا الجانب متابع من الهيئة والجهات ذات العلاقة تحديدا في موضوع إعاقة السير أو المارة، ويتم على الفوز إزالة المُخالفة، أو التصويب في حال كان الأمر متاحا، وفي هذا الجانب لا يوجد مطلقا عين مغمضة، فالمتابعة مستمرة، علاوة على وجود أماكن يمكن التقدّم لها بشكاوى في حال رأى المواطن وجود دعايات مخالفة.
ليس دفاعا عن المرشحين، إنما هو واقع بأن فترة الدعاية الانتخابية هي مدة تعريفهم بأنفسهم، وفي ذلك اجتهادات كلّ لديه ما يراه مناسبا لتحقيق هذه الغاية، وهذا حق له، لا يمكن لأحد انتزاعه منه، أو مصادرته، وكما قلت، لكل أسلوبه وطريقته، وما دام لم يقترب من مساحة المخالفات يبقى في إطار الاجتهاد الشخصي، والحرية، وفي حال المخالفة فإن عين الرقابة لن تغفل عنهم، فالهيئة المستقلة للانتخاب تمنع المخالفات وتزيلها وتصوّبها، وفي ذلك ثبات على مبدأ أن لا مخالفات دعائية يُمكن أن تستمر دون علاج ومتابعة.
في بعض الأحيان، ووسط مظاهر استثنائيتنا السياسية بإجراء الانتخابات، تظهر أصوات تبالغ بالحديث عن مخالفات الدعايات الانتخابية، وأنها ملأت الشوارع وازدحمت بها المواقع. من جديد، لا داعي لهذه المبالغة بطبيعة مخالفات الدعاية الانتخابية، فواقع الحال أقل بكثير مما يتم الحديث عنه، ناهيك عن ضرورة تكثيف الدعايات الانتخابية، وهذا حق للمرشحين، فهي المدة المتاحة لهم على رزنامة العملية الانتخابية للتعريف بأنفسهم وبرامجهم، وفقا لقانون الانتخاب، وعليه فإن لهم حرية المكان والزمان لاستثمار هذه المدة لصالحهم الانتخابي، علاوة بطبيعة الحال على أن رؤية لافتات المرشحين ومقارهم الانتخابية صورة رائعة عن الأردن بأننا نعيش وضعا مستقرا تُجرى به الانتخابات النيابية في زمن غابت عنه ظروف العمل الانتخابي وفي منطقة أقل ما توصف به أنها ملتهبة!.
الحديث عن مخالفات الدعايات الانتخابية بين المبالغة والواقع، يمر بالكثير من التفاصيل التي تؤكد متابعة الهيئة المستقلة للانتخاب لكافة حملات الدعاية الانتخابية، وتسارع لمعالجة أي مخالفة سواء ضبطتها أو تم الإبلاغ عنها، بينما واقع الحال يؤكد أنه مظهر جمالي سياسيا واجتماعيا وشعبيا، مظهر حُلم للكثير من شعوب هذه المعمورة، فما الانتخابات سوى خطوة متقدمة يجب دعمها ورؤيتها بإيجابية، والسعي لزيادة نسبة المشاركة. المسؤولية اليوم مشتركة لنجاح الانتخابات وقرار الاختيار بيد الناخب، وشكل مجلس نواب 20 يحدده الناخبون في ضوء تشريعات انتخابية وحزبية متقدّمة جدا.