التفاؤل الأمريكي بصفقة.. على أي أساس؟
لما جمال العبسه
حتى اللحظة تفاؤل الوسطاء على رأسهم الامريكان ان صح اعتبارهم وسطاء لم يتم تأكيده من جانب المقاومة الفلسطينية التي ترى في تعديلات رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو الثلاثين بأنها تخالف ما وافقت عليه المقاومة على رأسها «حماس» مطلع تموز الماضي، وان هذه التعديلات التي لا ترقى لمستوى التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني على مدار عشرة اشهر عمر المقتلة الدائرة حاليا في قطاع غزة وما رافقها من اعتداءات سواء للجيش الصهيوني او قطعان المستوطنين في الضفة الغربية، ويُراد بها فقط تبرئة ساحة نتنياهو من الرفض والقاء الكرة في ملعب المقاومة لتصبح العائق في وجه اتمام صفقة وقف اطلاق النار، وتحقيق الرغبة الدفينة لدى هذا الفاشي للمماطلة وقتل الوقت حتى تتم الانتخابات الامريكية.
منذ ان بدأت مفاوضات الدوحة يوم الخميس تتالت البيانات والتصريحات من الوسطاء التي سرعان ما ردت عليها المقاومة الفلسطينية التي تقول اننا لم نشارك اساسا في هذه المفاوضات حتى من خلال الوسطاء وعدم المشاركة جاء بناء على تعديلات شروط التفاوض، واعادت بالقول انها لن تتنازل عما وافقت عليه بما عُرف باقتراح صفقة «بايدن»، بل والاكثر الزيارة التاسعة لوزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن للمنطقة والتي بدأت امس حتى يقف على صياغة الاتفاق على اعتبار ان المقاومة الفلسطينية موافقة على ما تم التفاوض عليه.
الملاحظة ان البيانات والتصريحات الرسمية التي خرجت من غرف التفاوض المغلقة في العاصمة القطرية الدوحة فيها شيء من الغموض وعدم الوضوح، لا شك انها تتوافق مع الرغبة الامريكية في عدم توسيع دائرة الحرب في المنطقة في ظل التهديدات الايرانية بالرد على استهداف رئيس حركة حماس واستشهاده في طهران، مع توقع رد حزب الله على اغتيال احد اهم قياديها فؤد شكر في الضاحية الجنوبية في بيروت، خاصة وان الانتخابات الامريكية باتت قاب قوسين او ادنى واصبحت الحرب الصهيو امريكية الدموية الجارية في القطاع مؤثرا ولو جزئيا على حظوظ المرشحين للانتخابات الامريكية، وبالتالي الادارة الامريكية ترغب في انهاء هذا الامر قبل تشرين الثاني المقبل، من خلال جعل الوصول الى صفقة تنهي الحرب في القطاع تمتص الرد الايراني، لكنها تعيد وتؤكد ان لم يتحقق ذلك فهي معنية تماما بأمن «اسرائيل»!، لتحافظ على تناقضها الدائم.
ولا ننسى ان هذا التناقض الذي اعتدنا عليه من قبل الحكومة الصهيونية لا يزال يُلقي بظلاله على التصريحات الرسمية، فمثلا قال جيش الاحتلال الصهيوني امس الاول انه انهى عملياته العسكرية في القطاع، وانه الآن على اتم الاستعداد للانسحاب التام منه والعودة في حال توفر معلومات استخبارية تدفعه للعودة الى هناك، وفي ذات الوقت يؤكد الفاشي نتنياهو بالرغبة في السيطرة على معبري نتساريم ورفح بل والتحكم بالعائدين الى ديارهم في شمال القطاع.
كأنه ثوب رث لم يعد يحتمل رقعا هنا وهناك وان الحقيقة التي يجب ان يقف عندها الكيان الصهيوني وداعموه على رأسهم واشنطن انهم لم ولن يستطيعوا وقف المقاومة الوطنية الفلسطينية، وان عار «غزة» والشنائع التي تُمارس فيه اصبحت عارا يطارد الاشخاص ودولهم، وانه لا بد لهم من مبدأ الاستماع الى الطرف الاخر، ففرض الامر الواقع اصبح هراء وغير مقبول ومبدأ القوة وان كان حاضرا بقوة لم يعد يخيف من رأى اهله أشلاء امام عينيه ومن سيكبر من اطفال غزة يتيما وقد ملأ صدره الايمان اكثر واكثر بعدالة قضيته وان لا مكان له في العالم الفسيح سوى وطنه.
الواقع يفرض نفسه.. فلا نصر مطلقا لمن ادعى بأنه الجيش الاقوى في المنطقة، ولا قيما زائفة حافظ عليها وسط عمليات القتل الوحشية واساليبه اللا اخلاقية المتبعة في القطاع، ولا شيء سيمحو او يلغي النظرة العالمية لما هو شكل الكيان الصهيوني الشيطاني الذي فقد الكثير من مؤيديه على المستويات الشعبية والرسمية في الكثير من دول العالم.
المهم الآن هو الاستماع لرأي الاخر وهو المقاومة الفلسطينية التي فرضت معادلة جديدة، يصعب معها التنازل عن مطالبها العادلة التي بالمناسبة كانت من ضمن المقترحات الامريكية، فإن قبلت واشنطن ان يتلاعب بها نتنياهو فهذا عصي عليه بالنسبة لحركات المقاومة الفلسطينية التي ترى في حقها بان يعيش الشعب الفلسطيني على تراب وطنه اصيلا لا جدال فيه.