في وداع شيخ الحكماء

محمد بركات الطراونه

ورحل شيخ الحكماء، رجل الدوله بامتياز رفيق درب الحسين الباني طيب الله ثراه والقريب جدأ من جلالة الملك عبد الله الثاني أطال الله في عمره، ومحل ثقته واحترامه وتكريمه، رحل دولة العم زيد الرفاعي رئيس الوزراء ، ورئيس مجلس الاعيان الأسبق، ويترجل أبا سمير عن صهوة جواده، بعد حياه حافلة بالعطاء بكل تفان وإخلاص، شكل انموذجا حياً للولاء للعرش الهاشمي، والإنتماء لتراب الوطن الغالي، رجل دولة من طراز رفيع ونادر، جسد في مسيرته كل معاني الحكمة والتروي والدقة في إتخاذ القرار، يفكر طويلاً قبل أن يتكلم، وعندما يتحدث يبهر الجميع خبرة وعلما ودراية في كل تفاصيل الشؤون المحلية، ومرجعاً سياسياً مهماً على المستوى العربي والدولي، يقصده الجميع للاستفادة من حنكته وحكمته وصواب رأيه ووضوحه وصلابة موقفه، شكل مرجعاً دستورياً وقانونياً وتشريعياً لا يدانيه أحد، يمتلك خبرة واطلاعاً على تفاصيل مسيرة بناء الدولة الأردنية، مستمع جيداً للآخرين، ويثق بارائهم ويحترمها، ويأخذ منها ما يخدم مصلحة الوطن، تشرفت بالعمل بمعيته بحكم واجبي الإعلامي، لسنوات طويلة، أثناء توليه رئاسة الوزراء  وفترة أطول وهو رئيس لمجلس الأعيان مجلس الملك الخاص، رافقته في العديد من المهمات الخارجية إلى جمهوريه مصر العربيه والسعودية، والكويت وجمهورية اليمن، وجنوب افريقيا والجزائر والمغرب والبحرين، كان أبا سمير يجسد بحق، ويمثل الكبرياء الوطني والشموخ الأردني، وكان التعامل معه واستقباله كما هو الإستقبال الذي يتم إعداده لاستقبال زعماء الدول، يصغي إليه الآخرون بكل إهتمام، ينهلون من معين خبرته  وغزير علمه وسعة اطلاعه على تطورات الأوضاع عربياً واقليمياً ودولياً،  يتجاوز المسؤولون في  هذه الدول الوقت المخصص للقائه بروتوكولياً، لانهم يعتبرون لقائه فرصة للتعلم والفائدة والنصح، مدار حديثه عندما تجالسه، كيف يكون الولاء والانتماء والبذل والعطاء، وكيف يساهم الجميع وينخرطوا في مسيرة بناء الوطن، الأقرب إليه هو الاقدر على العطاء والانجاز والتفاني في خدمة الوطن، صاحب نظرة وتلميح   يتجاوز في تأثيره التصريح، يعرف تماماً كيف يختار من يعمل معه ويتحمل معه أمانة المسؤولية، برحيل أبي سمير يفقد الوطن اعرق السياسين على ترابه واكثرهم  خبرة، رحل من تولى رئاسة الحكومه ثلاث مرات ورئاسة مجلس الأعيان، والعديد من المناصب المتقدمة في الدولة الأردنية، رحل الرجل الفذ السياسي المخضرم الذي شكل مدرسة تعلم منها الكثيرون كل معاني الولاء والوفاء والإنتماء، العزاء بفقده  للوطن ولال الرفاعي وشكري والتلهوني وانسباؤهم واصدقاؤهم، ولنا جميعا الذين كان يشكل لنا قدوة وانموذجاً في العطاء.