في الحديث عن ارهاصات الانتخابات المقبلة
فيصل تايه
أثار حديث رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة عبر استضافته في راديو "نون" الكثير من التساؤلات ، خاصة التوضيحات المتعلقة بما يميز الانتخابات هذا العام والتي من المقرر إقامتها في العاشر من ايلول المقبل، اذا اشار الى وجود القائمة الوطنية الحزبية على مستوى المملكة، وهي قائمة مغلقة، ولذا سيختار المواطن حزب فقط دون أسماء، والتي ستكون مرتبة بحسب الارقام التي ستخرج في قرعة ما بعد انتهاء فترة الطعن، وهو ما يؤكد ان البرلمان في المستقبل سيكون عمله حزبي والجماعي، اضافة الى قضية العتبة في الدوائر العامة والمحلية، الى جانب الكوتة التي يجب ان تحدد مسارها.
انا اعتقد اننا بحاجة ماسة لتكثيف الحملات التوعوية الموجهة الى المواطنين "العاديبن" في الايام القادمة وقبيل موعد اجراء الانتخابات ، اذ ان الكثير من المواطنين ما زالوا بحاجة الى برامج تثقيفية توعوية تخاطبهم "بلغتهم" ليكونوا قادرين على التوجه الى صناديق الاقتراع يمارسون قناعاتهم وحقهم الدستوري ويختارون ممثليهم بكل همة ومسؤولية ، في ظل تزاهم الكثير من الشعارات العامة او تلك التي في اغلبها صعبة المنال ، نراها وقد اكتسحت شوارع عمان والمحافظات ، ونجدها في اغلبها "تقديم الذات" على اي برنامج وطني وكما قال معالي المهندس موسى المعايطة ، "كمواطن ما شفت برنامج وطني حتى الان، وما هو مطروح شعارات عامة"، ولذا فالمطلوب من المرشح ان يقدم برنامج يشجع المواطن على انتخابه، لأنه ورغم ان الدولة والحكومة والهيئة تقوم بحملات توعية لتشجيع المواطن على الانتخاب لكننا بحاجة الى المزيد من تلك الحملات التي تبحث في تفاصيل الحملات الانتخابية ، والاصل ان تجذب الاحزاب المواطن الى الصندوق عبر اقناعهم ببرنامجه وهذه هي مهمة الاحزاب.
انا شخصيا فان توقعاتي تنبئ بتغيير محدود في تركيبة مجلس النواب في الانتخابات ، رغم ان الساحة الاردنية تشهد حراكا كبيرا بين المرشحين لنيل ثقة الوصول إلى مجلس النواب ، فنحن الآن امام عدة ارهاصات ستطرحها العملية الانتخابية القادمة حول العوامل التي ستعزز من حظوظ الفوز بأحد المقاعد البرلمانية، أهمها، هل سيكون للعشيرة أو الحاضنة الطبقية والاجتماعية دور في اختيار المرشح؟ أم أن دور الاحزاب اوالعوامل الاقتصادية والبرامج الانتخابية للمرشحين ستحسم الفوز بالمقاعد البرلمانية.
ان العديد من الاعتبارات والقناعات لدى السيد الناخب يمكن ان تعزز مبدأ الاختيار الفردي المبني على النزعات الاجتماعية والأيديولوجية، التي من شأنها التأثير على قناعات الناخبين عند الإدلاء بصوتهم الانتخابي ، كما وأن المؤثرات الأساسية في اختيارات الناخبين ستمنح فرصا كبيرة للنجاح للمرشحين المنتمين للمكونات الاجتماعية والعشائرية او الحزبية صاحبة التاريخ ، فالتجربة البرلمانية الاردنية عودتنا على صعوبة اختراق تلك المنظومة ، كما واعتقد أن المنافسة بين المرشحين الأكثر حظا ستعتمد أيضا على إمكانات المرشح الفكرية والخطابية وعلاقاته وتواصله الاجتماعي مع أبناء دائرته، فضلا عن قدرته على الإقناع وتسويق برامجه الانتخابية ومدى مصداقيته مع الناخبين.
وتبقى للانتخابات عوامل تكون مرجحة لمرشح على آخر لدى جمهور الناخبين ، فهناك مرشحين وأعضاء سابقين سيفوزون بسبب خدمات سابقة قدموها لناخبي دائرتهم ، او مواقف مسجلة سابقة إن كان المرشح عضوا سابقا، وإن كان أول ترشح له فلا بد من وجود نشاطات سياسية واجتماعية وخدمية سابقة مكنته من خوض التجربة ، كما وأن بعض النتائج محسومة لمرشحين معينين بسبب شعبيتهم، أو مواقفهم، أو انتمائهم العشائرية الكبيرة، وهذا ما يجعلني متشائم بصعوبة فوز المرشحين أو المرشحات الجدد ما لم يتبعوا لتيار معين أو يكون لهم تاريخ برلماني سابق، لأن إقناع الناخب أصبح صعبا في هذا الوقت المليء بالأزمات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية .
انا اعتقد ان من الواضح ان الانتخابات "الفرعية" للعشائر أو الانتخابات "التشاورية" التي شهدناها منذ فترة تبئ بان الوضع اصبح أكثر تمويها في بعض المناطق ، خاصة في صعوبة تزكية مرشحين على آخرين وهذا ما قد يشتت الأصوات ليفوز مرشح آخر بأحد المقاعد ، وكما نعلم فان الانتخابات الفرعية للعشائر هو تقليد معروف ، والتي تقوم بها تجمعات عشائرية بصورة داخلية قبل الانتخابات الرسمية لإفراز ما يعرف باسم "مرشحو الإجماع"، وهو ما كان يفرض صوت العشيرة على صوت الاختيار الحر الذي كفله القانون.
وفي الختام فانني استبعد أن تكون هناك تغييرات كبيرة في تركيبة مجلس النواب ، وربما ستكون هناك تغييرات بسيطة لا تتجاوز ٢٠ أو ٣٠% للمرشحين، متمنيا في الوقت نفسه ارتفاع نسبة المشاركة الانتخابية بحيث تتجاوز نسبة ال ٥٠% في الانتخابات المقبلة.
الله ولي التوفيق
مع تحياتي