سقط سهوًا!

بشار جرار

عندما تكون الأولوية هي الأمن والقضية هي الوطن، لا يحتمل الموقف أي سوء فهم أو تفاهم أو تفهّم. لا فرق، فالنتيجة في المحصلة واحدة. السيادة لا تتجزّأ ولا فرق بين سماء الأردن وأرضه ومياهه. ولا فارق بين اللاءات العبدلية الثلاث. ولا استثناء فيمن يعنيهم الأمر شريكا كان أم صديقا أم جارا أم خصما أم عدوا.

الأردن له مصالحه وأولوياته كما ترى وتقدّر قيادته وحدها. والقرار كان جليا في ضرورة تفادي حالة التردي والتدهور، حتى إن اندلعت حرب السابع من أكتوبر، سارع إلى إطفاء النار وإغاثة المدنيين والتذكير بضرورة الحيلولة دون الانزلاق العاثر أو الانجراف المدروس نحو مواجهة لها حسابات أكبر وأخطر لدى طرف أو أطراف داخل الإقليم و خارجه.

كما جرى في أواسط نيسان، لن يتغير القرار الأردني، بل تعزز وترسخ بأن تلك الضربة الاستباقية الإسرائيلية، أو الإيرانية الانتقامية مباشرة أم عبر «مصدّات» نظام ملالي طهران، لن يسمح لها باستخدام أي من أقانيم الوطن، ماء وسماء وترابا.

أثبتت سنوات وليال طوال من الرشقات الصاروخية، ما قبل زمن الدرونات وبعده، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها في حقيقة الأمر عشوائية أو محدودة التأثير في ساحات المواجهة الحقيقية. بلغ الأمر حد التندّر، حتى في منصات التواصل الاجتماعي في تلك النظم والتنظيمات التي تحاول إقناع المشاهدين بجدية ومصداقية «وحدة الساحات».

إن ارتضت تلك الأطراف المتراشقة بسقوط تلك المقذوفات العشوائية أو ما يسقطها من دفاعات جوية أو أرضية في مخدع مسكن أو صف مدرسة أو مزرعة أو ورشة أو حضانة أطفال كما حصل شمال إسرائيل وجنوبها وفي لبنان وغزة مرارا، فإنه من حق الأردن المفدى ورأس ماله الإنسان ودرة تاجه الأمن والأمان والكرامة، من حق المملكة أن تصون أغلى ما فيها من أي عبث أو متاجرة أو مقامرة. لا عوض يقبل ولا عذر يؤخذ به في أسف يتبع مزاعم أن الصاروخ «المقاوم أو الممانع» قد سقط سهوا أو خطأ في

في ربوعنا.

ليس في قاموسنا العشوائيات ولا العشوائية، ولا العبث ولا العدمية. كل شيء بقَدَر.. في مكانه وأوانه. هكذا تم تشييد ما قبل المئوية وتأسيس ما بعدها. ولا عزاء للمغرر بهم إلى حين، فسيعلمنّ قريبا اليقين. ما جرى وما يجري أبعد ما يكون عن شعارات «البكبات» وهتافات الهواتف الجوالة والمنصات النقّالة! الصادقون في حرصهم على الدماء الزكية غرب نهرنا المقدس في غزة هاشم تصدق أعمالهم أقوالهم. بعيدا عن وعد ووعيد ما كان يوما إلا سرابا، وما ترك في عدد من الساحات الشقيقة إلا خرابا.