الخيار الكفاحي

حمادة فراعنة

اختارت حركة حماس الرجل الصح، في ذروة الصدامات الساخنة، التي تفرض المواجهة في الميدان، دون إهمال الجانب السياسي وأدواته، وأبرزهم خالد مشعل المجرب العتيق، ولكن من حيث التراتبية، شغل الراحل صالح العاروري نائب الرئيس للضفة الفلسطينية، ويحيى السنوار نائب الرئيس لقطاع غزة، وهذا ما فرضته الأحداث ومعركة قطاع غزة على إجماع المكتب السياسي لأن يكون يحيى السنوار.

سياسات المستعمرة وخياراتها في مواجهة المقاومة، اختارت التصفية لقيادات حماس: صالح العاروري، محمد ضيف، إسماعيل هنية، وردت حماس باختيار مناضل عنيد خريج معتقلاتها، يعرفها، كاشف حقيقتها الفاشية العنصرية، وها هو بعد عشرة أشهر من المواجهة لم يتمكنوا منه كعنوان، كما لم يتمكنوا من اكتشاف مواقع الأسرى الإسرائيليين.

شعارات التسوية، وحل الدولتين، لم يعودا واقعيين لسببين جوهريين:

أولهما لا يوجد شريك متنفذ صاحب قرار لدى المستعمرة يؤمن أو يقبل أو يرضخ لحل الدولتين، فالاغلبية لدى أعضاء الكنيست من الأحزاب السبعة: أربعة لدى الأئتلاف الحكومي وثلاثة في المعارضة، ليسوا مع حل الدوليتن، فالسبعة يتمسكون علناً أن: 1- القدس الموحدة عاصمة المستعمرة الإسرائيلية، 2- الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية، ليست عربية، ليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة تم استعادتها، باعتبارها جزءا من خارطة المستعمرة.

وثانيهما لا يوجد ثقل كفاحي فلسطيني تمكن من جعل الاحتلال مكلفاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، إضافة إلى الانقسام السياسي والعملي والكفاحي بين الضفة والقطاع، بين فتح وحماس، فالتفوق الإسرائيلي لا يعود لتوفر الامكانات لدى المستعمرة بل لوجود الضعف بسبب الانقسام الفلسطيني، مما جعل المدنيين الفلسطينيين يدفعون الثمن الباهظ: عشرات الالاف من الشهداء، عشرات الالاف من المصابين والجرحى، مئات الالاف من الأسر الفقيرة التي فقدت كافة مقومات الحياة من بيت ودخل مالي واستقرار، ودمار ثلثي بيوت أهالي قطاع غزة، وتدمير المؤسسات من مدارس ومستشفيات وخدمات، وهذا يعود إلى عدم توفر قدرة ردع محلية أو عربية أو إسلامية أو دولية تجعل قيادات المستعمرة تفكر الف مرة قبل أن تُقدم على جرائمها الفاقعة ضد المدنيين ومؤسساتهم وبيوتهم ، والمعطيات تُشير إلى عكس ذلك، إلى عدم توفر روافع داعمة جدية عربية إسلامية دولية للفلسطينيين.

ومع ذلك لن يتوقف النضال الفلسطيني، لسببين:

الأول وجود شعب، ليسوا جالية على أرض فلسطين، يتعرض للظلم والاحتلال ويرفضه، ورده الطبيعي المقاومة والنضال ولا خيار آخر أمامهم، مهما كانت الظروف صعبة قاسية مدمرة.