هل ستغير طائرات إف-16 المعركة في أوكرانيا؟
تسلمت أوكرانيا أخيراً أول دفعة من طائرات إف-16 المقاتلة، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذه الطائرات على الوضع الميداني والقدرة الدفاعية في الصراع المستمر.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، وكييف تلح على شركائها الغربيين أن يزودوها بطائرات مقاتلة حديثة.
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، تسلّم كييف الدفعة الأولى من هذه الطائرات، ما يلقى ترحيباً كبيراً سواء من الأوكرانيين أو من الدول المؤيدة لهم.
وتعد هذه الطائرات الأميركية الصنع من بين أهم الأسلحة التي تم منحها لأوكرانيا حتى الآن، بينما تجهد قواتها لصد الجيش الروسي.
كم طائرة مقاتلة تحتاج أوكرانيا؟
قال زيلينسكي لوكالة "فرانس برس” في مايو الماضي، إن أوكرانيا تحتاج من 120 إلى 130 طائرة أف-16 أو غيرها من الطائرات المقاتلة المتطورة لتحقيق "تكافؤ” مع روسيا.
أضاف زيلينسكي "لماذا أقول 120 أو 130؟ الهدف هو الدفاع عن الأجواء ضد 300 طائرة. هذا هو عدد الطائرات التي تستخدمها روسيا ضد أوكرانيا”.
زيلينسكي يتحدث للصحافة أمام المقاتلات التي وصلته حديثاً - روبترز
زيلينسكي يتحدث للصحافة أمام المقاتلات التي وصلته حديثاً – روبترز
ولكن حلفاء أوكرانيا لم يلتزموا إلا بتزويدها بأقل من 100 طائرة من طراز أف-16 حتى الآن، ومن المرجح أن تصل على دفعات وعلى مدى سنوات مع دورات تدريبية طويلة للطيارين.
ولم يذكر زيلينسكي الأحد عدد الطائرات التي تم تسلمها، لكن صحافيي وكالة "فرانس برس” شاهدوا طائرتين من طراز أف-16 على الأقل في موقع في أوكرانيا غير معلن لأسباب أمنية.
وتعتمد أوكرانيا على أسطول متقادم من الطائرات المقاتلة من طراز ميغ 29 وسوخوي يعود للحقبة السوفياتية.
وباتت صيانة هذه الطائرات متعذرة باعتبار أنها تحتاج إلى قطع غيار روسية وتفتقر إلى القدرات لإبعاد الطائرات المقاتلة الروسية عن أجواء أوكرانيا.
وقال خبير غربي يعمل في قطاع الدفاع لـ”فرانس برس” طالباً عدم كشف هويته "من الممكن الحصول على قطع غيار من دول أخرى محايدة مثل أذربيجان، لكن لهذا الأمر حدوده أيضاً”.
لماذا تريد أوكرانيا طائرات أف-16؟
ترى كييف أن الطائرات الغربية المتطورة ضرورية لمساعدة القوات الأوكرانية التي تفتقر إلى التسليح والعديد.
وقال تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في يونيو "إن قدرات طائرات أف-16 تمكّن أوكرانيا من تعريض المزيد من الأهداف الروسية للخطر، وبالتالي اكتساب المزيد من القوة في الميدان وعلى طاولة المفاوضات”.
وأضاف التقرير "أن العنصر المفقود في التفوق الجوي لأوكرانيا يكمن في القدرة الجوية الهجومية التي ستبدأ مقاتلات أف-16 بتوفيرها”.
كما ستساعد هذه الطائرات في تعزيز دفاعات أوكرانيا ضد الضربات الروسية من خلال اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة، واستهداف المقاتلات الروسية التي ضربت المواقع الأوكرانية في الأشهر الأخيرة.
وأشار تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن ما سيجعل من دخول هذه الطائرات ساحة المعركة أمراً حاسماً يعتمد على عوامل عدة، منها نوع الأسلحة المقدمة للطائرات ومستوى كفاءة الطيارين والقيود المحتملة على الاستخدام التي يفرضها الداعمون الغربيون.
ورغم مزاياها، فإن مقاتلات أف-16 ستعمل في أجواء صعبة.
مقاتلتان من طراز إف-16 تحلقان في أوكرانيا - رويترز
مقاتلتان من طراز إف-16 تحلقان في أوكرانيا – رويترز
وسيواجه طياروها دفاعات جوية روسية هائلة، ما يمنحهم خيارات محدودة لمهاجمة مواقع العدو، وفقاً لجوستين برونك من مؤسسة RUSI البريطانية للأبحاث الدفاعية.
وقال برونك لوكالة "فرانس برس”: "يمكن لمقاتلات أف-16 التأثير على الحرب البرية من خلال توفير طبقة من التغطية الدفاعية المضادة للطائرات عبر منع المروحيات الهجومية الروسية والقاذفات المقاتلة من العمل داخل الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا خلال أي اختراق روسي للخطوط الأوكرانية”.
ما هي المخاطر؟
يأتي تسلم أوكرانيا أول دفعة من طائرات أف-16 بينما تستهدف القوات الروسية البنية التحتية للطيران في أوكرانيا بشكل متزايد.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها دمرت ما لا يقل عن ست طائرات مقاتلة أوكرانية ومروحية في غارات جوية على ثلاث قواعد منفصلة هذا الأسبوع.
وعقب الضربات، انتقد مراسلون عسكريون أوكرانيون القيادة العليا للقوات الجوية، قائلين إن الطائرات في القواعد كانت جاثمة في العراء بدون حماية كافية.
وذكر تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن التقديرات تشير إلى أن حجم أسطول المقاتلات الحالي في أوكرانيا كان 69 طائرة فقط اعتباراً من مارس 2023.
وقال مركز أبحاث ديفينس أكسبرس الأوكراني في تقرير حديث إنه "بينما تنتظر أوكرانيا طائرات أف-16، تظل مسألة ضمان سلامة هذه الطائرات على الأرض قائمة”.
وتتطلب طائرات أف-16 أيضاً مدارج تتم صيانتها بعناية وبشكل دوري وطواقم أرضية مدربة تدريباً عالياً.
وطرحت تقارير سابقة فكرة إنشاء قاعدة لأسطول أف-16 الجديد خارج حدود أوكرانيا.
ولم تعلق أوكرانيا رسمياً حتى الآن على المكان الذي ستتمركز فيه هذه الطائرات.
ومنذ اندلاع الحرب في روسيا، تلقت أوكرانيا الكثير من المعدات العسكرية من داعميها الغربيين.
ورغم أن هذه المساعدات العسكرية ساهمت في تحسين ترسانة البلاد بشكل كبير، إلا أنها زادت أيضاً من المشاكل اللوجستية للحفاظ عليها.
وإضافة طائرات أف-16 إلى هذه الترسانة لن تؤدي إلا إلى مزيد من العقبات اللوجستية أمام إبقاء الجيش في وضع قتالي جيد.
العربية