كيف سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية ؟
أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، دعوات للانتقام من أعلى مستويات القيادة الإيرانية، التي ألقت باللوم في الاغتيال الواضح على الاحتلال.
وذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، أن اغتيال هنية لم يؤد إلا إلى تصعيد التوترات المشتعلة بالفعل المحيطة بالصراع المتفاقم في الشرق الأوسط، والذي أدى في السابق إلى أول تبادل مباشر للهجمات بين العدوين اللدودين إيران وإسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي.
عملية الوعد الحقيقي
وفي حين تدرس طهران نطاق وحجم خططها للانتقام لهنية، وإنقاذ ماء وجهها بعد مقتله على الأراضي الإيرانية، قال المحلل المقيم في طهران أمير حسين وزيريان للمجلة: "إن إيران لديها 3 خيارات للرد على الهجوم".
وأوضح أن الخيار الأول يستلزم ما سماه "عملية مباشرة"، على غرار الهجوم الصاروخي والطائرات بدون طيار الإيراني واسع النطاق المعروف باسم "عملية الوعد الحقيقي"، الذي شنته إيران في أبريل الماضي.
وأشار إلى أن الخيار الثاني، يشكل ما سماه "عملية غير مباشرة" لإيران، باستخدام "وكلائها، وخاصة حزب الله والحوثيين".
وأما الخيار الثالث، وصفه فازيريان بأنه "عملية هجينة" تتضمن هجوماً إيرانياً مباشراً على إسرائيل، فضلاً عن ضربات متزامنة من قبل فصائل محور المقاومة.
وزعم المحلل الإيراني أن أحد العوامل الأكثر حسماً في تحديد مستوى الرد الإيراني، سوف يستند إلى الأساليب التي استخدمتها إسرائيل في اغتيالها المزعوم لهنية.
وقال: "إذا تم تنفيذ القتل من بعيد بجهاز مثل طائرة مسيرة، فربما تقرر إيران الرد بشكل غير مباشر.
أما إذا تم تنفيذ الهجوم من داخل الأراضي الإيرانية، كما تشير التقارير الأولية، فمن المحتمل أن تهاجم إيران إسرائيل بشكل مباشر".
وضع معقد
وفي سياق متصل، أضاف فازيريان "لا أعتقد أن إيران ستتبع حرباً شاملة ضد إسرائيل، كما لن تتبع إسرائيل حرباً شاملة ضد إيران وحدها".
وأوضح "أعتقد أنها مثل لعبة الشطرنج، كل من إيران وإسرائيل تحاولان الهيمنة على مبدأ اللعبة من أجل استمرار توازن القوى في المنطقة، وفي الحرب الحالية".
من جهته، وصف جواد هيرانيا، مدير دراسات الخليج الفارسي في مركز البحوث العلمية ودراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية ومقره طهران، "الوضع المعقد" بالنسبة لإيران، حيث "يريد نتانياهو توسيع الحرب من أجل جرّ إيران إلى حرب إقليمية، وبالتالي إدخال أمريكا في الصراع".
وقال لمجلة نيوزويك: "من ناحية، يتعين على إيران أن ترد بقوة على إسرائيل. ومن ناحية أخرى، فإن الرد القوي قد يؤدي إلى توسيع نطاق الحرب، وهو ما قد يفيد نتانياهو".
مشاكل أمنية
ووفق المجلة، أشار هيرانيا أيضاً إلى أن "هذه القضية يمكن أن تلقي بظلالها على المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا، وهي القضية التي أكد عليها الرئيس مسعود بزشكيان كثيراً من أجل رفع العقوبات".
ولفت هيرانيا إلى أن اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية، أظهر مرة أخرى "فجوة في أجهزة الاستخبارات والأمن الإيرانية"، وهي الفجوة التي استغلتها إسرائيل سابقاً لتقويض الجمهورية الإسلامية.
كما لاحظ جو تروزمان، الباحث البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ورئيس تحرير مجلة الحرب الطويلة التابعة لها، كيف أن التصورات حول ضعف إيران الواضح من المرجح أن تغذي الاستجابة الإيرانية لمقتل هنية.
وأشار إلى أن القضية أصبحت أكثر تعقيداً، بسبب مقتل فؤاد شكر، الذي يضيف بُعداً جديداً تماماً إلى الخطط الانتقامية بين إيران وحلفائها في محور المقاومة، وقال إن "الرغبة في شن هجوم أوسع نطاقاً من المحتمل أن تدفع المنطقة إلى ما هو أبعد من شفا صراع أكبر، من شأنه أن يطغى على الحرب التي دمرت غزة بالفعل".
وأضاف "قد نرى مجموعات بالوكالة الإيرانية، تحصل على الضوء الأخضر من طهران لتنفيذ زيادة كبيرة في الهجمات ضد أفراد الولايات المتحدة في المنطقة، والشحن التجاري في البحر الأحمر، والأراضي الإسرائيلية، بهدف الضغط على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، للتوصل إلى هدنة مع حماس".
الدفاع عن النفس
وفي الوقت نفسه، أكد المسؤولون الإيرانيون أيضاً أن الجمهورية الإسلامية "لن تتردد في ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس، كما هو منصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، للرد بشكل حاسم وسريع على مقتل هنية".
وعلى هذا النحو، زعم آفي ميلاميد، المسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي السابق والمستشار الكبير للشؤون العربية، أن "المسألة ليست ما إذا كانت إيران سترد، بل كيف سترد".
وأشار إلى أن "حزب الله من المرجح أن يكون عاملاً في العملية، نظراً لرغبته المباشرة في الرد على إسرائيل بسبب مقتل شكر".
ولكنه حذر من أن إيران وحلفاءها "سيضطرون إلى حساب ردهم بحكمة شديدة، ويخاطرون بأن يؤدي تجاوز الحدود إلى تحول الموقف إلى حرب شاملة لا تخدم مصالحهم".
وقال ميلاميد: "إذا حاولت إيران تنسيق هجوم متكامل من قبل وكلاء متعددين، فمن المرجح أن تكون عتبة الحرب الشاملة قد تحققت، ليس فقط بين إسرائيل وهؤلاء الوكلاء، بل أيضاً بين إسرائيل وإيران"، وأضاف "بالنسبة لإيران، فإن المعضلة الاستراتيجية هي كيفية استعادة قدرتها على الردع دون المخاطرة بحرب شاملة".