ذيب وقصة فخر في الوحدات والكرة الأردنية
يبقى لطعم الإنجاز مذاقه الخاص، وتزداد نكهته حلاوة، حين يعتريه الجد والتعب وعرق الاجتهاد في الملعب، متجاوزا المعوقات والصعوبات للوصول إلى الهدف، في بداية تستحق تسميتها "من الصفر"، ليخرج أصحابها من رحم المعاناة إلى عالم النجومية.
ازداد بريق لاعب الكرة الأنيق عبدالله ذيب، كلما تقدم بالعمر، وارتفعت قيمته الفنية في الملاعب الأردنية، فهو مهندس العمليات بمواصفات شمولية، لكن مع تقدمه في السن، بدأ يفكر بالاعتزال بعد مسيرة كروية مميزة في صفوف الوحدات وشباب الأردن والسلط محليا، ومحطات خارجية لافتة، علما بأنه خاض 121 مباراة دولية بقميص المنتخبات الوطنية سجل خلالها 25 هدفا، وشارك في كأس العالم للشباب العام 2007.
من مدرسة الوحدات
قال ذيب، إن والده نجم الزمن الجميل للوحدات خالد ذيب اكتشف موهبته مبكرا، ووجهه إلى ناديه "الأم" الوحدات، شارحا: "كان راتب والدي لا يتجاوز 300 دينار، وهو ما دفعني للاستثمار في موهبتي الكروية وصقلها، وعندما كان عمري 13 عاما، اصطحبني والدي إلى نادي الوحدات، حيث التحقت بالمدرسة الكروية بالنادي تحت إشراف صانع المواهب المدرب القدير ناصر حسان، والذي صقل موهبتي وقدمني إلى فرق الفئات العمرية".
وتابع النجم الخلوق: "تدرجت في فرق الفئات العمرية بالوحدات، وشاركتها التتويج بالعديد من البطولات المحلية، وتم ترشيحي إلى صفوف فريق الكرة الأول الذي التحقت به العام 2003، والتحقت بالتدريبات تحت قيادة "شيخ المدربين" عيسى الترك، وظهرت معه لأول مرة على الصعيد الرسمي، في مباراة أمام كفرسوم".
وزاد: "تحقق الحلم وأنا أستعيد تاريخ والدي مع الأخضر"، وتحت كنف الجماهير العريضة، والتي ما تزال تربطني بهم علاقة وطيدة، وساهمت مع رفاق الدرب بالوحدات بين العامين 2003 و2007، في الفوز بلقب الدوري للعامين 2005 و2007، وكأس السوبر العام 2005، والدرع العام 2004، وبالفترة الثانية لي مع الفريق بين العامين 2011 و2013، فزت بلقب الدوري لعام 2011 وكأس السوبر وكأس الأردن في العام ذاته، وعدت لتمثيل الأخضر بين العامين 2015 و2018، وأسعدنا ورفاقي الجماهير الوحداتية بلقبي الدوري في العامين 2015 و2018، وكأس السوبر والدرع في العام 2018".
وحول أجمل المباريات والأهداف في مسيرته الخضراء، قال: "حصلت مع الوحدات على لقب هداف الدوري في الموسم 2013 مناصفة مع زميلي محمود شلباية برصيد 14 هدفا، وأجمل مبارياتي كانت أمام الفيصلي في الكثير من المواسم، وآسيويا كانت أجمل مبارياتي أمام دهوك العراقي وناساف الأزوبكي، وأجمل أهدافي مع الوحدات جاء أمام الفيصلي بمسابقة الكأس من مسافة بعيدة، وفي مرمى ناساف الأوزبكي من ركلة حرة مباشرة، عندما اقتربنا من حدود المشهد النهائي لكأس الاتحاد الآسيوي، لكن الفرحة لم تكتمل عندما سجل الفريق الأوزبكي التعادل في الرمق الأخير".
واعترف ذيب بأنه كان دائم الانزعاج من مصطلح "الابن الضال" الذي طارده طويلا، لكن ذلك لم يؤثر على علاقته بالجماهير الوحداتية، وقال: "تبقى جماهير الوحدات الأحب إلى قلبي، والتي كانت سببا مباشرا وراء عودتي لتمثيل الوحدات في أكثر من مرة".
محطات مميزة
وتحدث ذيب عن أبرز محطاته الكروية في رحلته الاحترافية المحلية والخارجية، قائلا: "ما تزال قصة احترافي الأولى مع الرفاع البحريني بالموسم 2007، تتصدر المشهد لأنها فتحت الباب للاحتراف على مصراعيه محليا، وحينها حصلت على مقابل مالي وصل إلى 100 ألف دولار، وبعدها خضت تجربة أوروبية مميزة في صفوف ميشلين البلجيكي العام 2009، ومثلت العروبة السعودي بالموسم 2013-2014، ومنه عدت إلى الرفاع بالموسم 2014-2015، ومثلت أيضا الأنصار السعودي بالموسم 2018-2019".
وأردف: "خضت أيضا تجارب محلية عديدة، حين لعبت لشباب الأردن في الموسمين 2008-2009، و2010-2011، والأخير كان موسما مميزا بالنسبة لي، حين حجزنا الوصافة في جميع الألقاب المحلية، ومثلت السلط في تجربة اعتز فيها لعدة مواسم، وخضنا دروب منافسات المحترفين الوعرة، وتقدمنا للمراكز الأولى وعدنا للمتأخرة، وأجمل مواسمي مع فريق السلط كان الموسم الماضي، وسجلت فيه أجمل وأثمن الأهداف.
المنتخبات الوطنية شرف وافتخار
ويعتز ذيب بنيله شرف الدفاع عن ألوان المنتخبات الوطنية فتى يافعا، شارحا: "أفتخر بأن مسيرتي في تمثيل المنتخبات الوطنية بدأت مبكرة، من خلال تمثيل الناشئين 2003، والشباب في العامين 2006 و2007، واللعب بقميص المنتخب الأول خلال الفترة من 2007 إلى 2017، والتي شهدت حدثين مهمين في مسيرتي الكروية، الأولى المشاركة مع منتخب الشباب في كأس العالم، والثانية الاقتراب مع النشامى من تحقيق الحلم المونديالي الذي طال انتظاره، في تصفيات كأس العالم 2014 ووصولنا إلى الملحق العالمي وقتها أمام الأوروجواي".
واستطرد: "لي ذكريات لا تنسى بقميص منتخب الشباب، عندما شاركنا النهائيات الآسيوية التي تقضي بتأهل 4 منتخبات إلى مونديال كندا، ووقفنا بالمركز الرابع وتأهلنا، وكان لي شرف التسجيل للمنتخب الوطني أمام الصين برفقة لؤي عمران في مباراة التأهل".
وواصل: "وفي مونديال الشباب، لعبنا مباريات لا تنسى وخالدة في أرشيف وذاكرة الجماهير الأردنية، حيث وفقني الله في التسجيل في مرمى زامبيا وإسبانيا، وقدمنا أجمل المباريات أمام الأخير، وسجلت واحدا من أجمل أهدافي عبر ركلة حرة".
وأوضح: "عشت فرحة الجماهير الأردنية، ونلت إعجاب المحللين والمعلقين العرب، عبر الظهور المميز في نهائيات كأس آسيا 2011 بقيادة المدرب القدير العراقي عدنان حمد، وتصفيات كأس العالم المؤهلة إلى البرازيل 2014"، وما زلت أتذكر هدفي في مرمى العراق بالمباراة الشهيرة في أربيل، وأفتخر باحتلالي المركز الرابع على لائحة هدافي المنتخب الوطني بعد حمزة الدردور وحسن عبدالفتاح وبدران الشقران".
وحول إنجاز "النشامى" بحلوله وصيفا لبطل آسيا 2022، وحظوظه في التأهل إلى مونديال 2026، قال ذيب: "فخورون بما أنجزه النشامى في قطر، وما زلنا نقول بأنه يجب البناء على ما تحقق، وردم الفجوة الكبيرة بين الأندية باعتبارها الرافد الحقيقي، وهي التي تعاني ماديا".
وأضاف: "يملك المنتخب الوطني فرصة كبيرة لتحقيق حلم الكرة الأردنية بالتأهل إلى مونديال 2026، وذلك يعود إلى منتخبات مجموعته، والتي سبق وأن تفوق على جميعها، وأيضا لامتلاك الكرة الأردنية جيلا ذهبيا، يمتلك الوعي والثقافة والانضباط والطموح، وكذلك لارتفاع عدد المقاعد المخصصة عن قارة آسيا لمونديال 2026".
عبدالله ذيب.. الاستمرار أو الاعتزال
واعترف ذيب بقرب لحظة الاعتزال مع بلوغه السابعة والثلاثين من عمره، وقال: "لا أخاف بأنني حائر بين قراري الاستمرار والاعتزال، تلقيت العديد من العروض المحلية في الفترة الأخيرة أبرزها من فريق معان، لكن سأترك لنفسي فرصة للتفكير إلى أيلول (سبتمبر) المقبل قبل فترة إغلاق باب القيد الأولى، في الوقت الذي يطاردني هاجس التفكير مليا باتخاذ قرار الاعتزال في هذا الموسم".
وأضاف: "بالتأكيد شغفي وعشقي لكرة القدم، سيبقيني أدور في فلك كرة القدم، واقتحام مجال التدريب حيث تسلحت بحصولي على شهادات الدورات الآسيوية (C وB وA)، وقريبا سأخوض دورة المحترفين الآسيوية، وأتطلع إلى ترك بصمة في مهنة المتاعب، تلتقي مع مسيرتي وخدمتي للكرة الأردنية".