لكل أمر مقتضاه
لما جمال العبسه
فجر امس كانت اخر عبثيات العدو الصهيوني باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية «حماس» اسماعيل هنية في العاصمة الايرانية طهران، في خطوة ترى فيها دولة الكيان الصهيوني وحكومتها الفاشية انها حققت انتصارا عظيما حين تم اغتيال احد رؤوس المقاومة وواحد من اهم قياداتها بل الاهم على الصعيد الدبلوماسي ومفاوضات ما يُعرف بصفقة التبادل وانهاء الحرب الدموية على قطاع غزة.
اسماعيل هنية الذي دائما ما يعد صوت العقل ورمانة الميزان وتلك الشخصية بهدوئها ورؤيتها وحكمتها التي تجمع ولا تفرق، هذا الرجل الذي علا فوق الخلافات الفلسطينية الفلسطينية وقدم العقل على الأهواء التي لا تجد لقلبه سبيلا، فكان ان تنازل عن رئاسة الحكومة الفلسطينية قبل اكثر من 17 عاما، وكان حلقة الوصل بين فصائل المقاومة الفلسطينية والداعي الى المصالحة الفلسطينية الفلسطينية والارتفاع عن الخلافات التي من شأنها تشتيت الهدف الذي ترنو اليها كافة الفاصائل، كان صوت المقاومة الهادئ المنادي بتحرير كل شبر في فلسطين والرافض للفصل ما بين القطاع والضفة الغربية، بوصلته القدس وتحريرها من دنس الصهاينة.
ومع احداث السابع من اكتوبر المجيد وبدء ما عُرف بصفقة التبادل للاسرى كان صوت المفاوض العاقل الذي يقدم مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل المصالح مع عدم التنازل عن الركائز الاساسية للقضية الفلسطينية، مع الموازنة مع عدم الاستسلام او الرجوع للخلف فالهدف هو تحرير اقصانا وأرضنا من هذا العدو الذي لم يشهد التاريخ مثله من طغاة البشرية على مر التاريخ.
والان مع هذا الاغتيال الغاشم الذي لم يحسب اي حساب لتبعاته، بدأ بتصريح من قبل وزير الدفاع الامريكي صباح امس بمعرفته بخطة الاغتيال، وبعد ساعات محدودة انكر وزير الخارجية معرفة الادارة الامريكية بهذا الامر، ورأى انه من الضروري تجاوزه نحو اتمام صفقة التبادل وتحرير الرهائن بحسب تعبيره، وكأن القائد هنية واعتياله امر ليس ذا ثقل في هذا المسار، فيما لم تصرح حكومة العدو الصهيوني بما يخص الاغتيال او تتبناه صراحة، الا انها وبحسب وزير دفاعها لا تريد التصعيد انما هي جاهزة لكل السيناريوهات.
ليس بعد هذه الوقاحة ما يُقال فان تمكنوا من اغتيال هنية فهناك مئة يشبهونه في نضاله وعروبته وقدرته على ادارة كفة «حماس» التي حيرت العالم وفاجأته بمستوى تنظيمها وادارتها السياسية والدبلوماسية والقتالية ومؤسسيتها فان مات قائد خلف وراءه قادة يحملون المشعل بنفس الكفاءة واكثر احيانا.
اغتيل مؤسس الحركة ونائبه في عام واحد، وبقيت حماس شوكة في حنجرة الكيان الصهيوني، وعدوها الاكبر الذي لا تستطيع التخلص منه وانهاء امره، هذا الكيان يعرف ان حركات المقاومة الفلسطينية دون استثناء تأسيسها وقوام عملها تحرير الارض والشعب، واعادة الحق اتكالا على الله بداية ومن ثم استخدام كل ما اوتوا من قوة عقلية وبدنية للاعداد للمواجهة التي عجزت عنها جيوش نظامية للعديد من الدول، حتى باتت هذه الحركة وغيرها كابوسا يؤرق مهجع الصهاينة في البحث في كيفية القضاء عليهم، واخيرا يعترفون بان لا طاقة لهم بهؤلاء الشجعان الذين يجابهون وجها لوجه دون خوف وابتغاء لمرضات الله وتحقيقا للعدل الالهي على الارض.
لقد توسعت دائرة الاضرابات في المنطقة بشكل اكبر بكثير مما يتحمله العدو الصهيوني ومن ورائه، وجاء الان دور الرد الفعلي من الدول الاسلامية وغيرها وليس فقط الدول العربية، لوقف نزيف الدم في فلسطين دون استثناء، وايقاف عنجهية وصلف هذا النازي المعروف بالكيان الصهيوني والذي يرى في نفسه اكبر من الدنيا ومن عليها.
رحم الله اسماعيل هنية وشهداء فلسطين والامة العربية والاسلامية الذين قضوا في سبيل اعظم واطهر قضية في الوجود.