"مَعاذ الله أن نُحرض على المملكة" .. هنية وآخر مواقفه.. وإدانة أردنية "بتلغيز سياسي"
فرح سمحان
لم يُحدث اغتيال الرئيس السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران إلا تأكيد على مبدأ الفكرة لا تموت حتى بموت الأشخاص أو من يتبنون ما جاء فيها ، والأردن كدولة قريبة من فلسطين استراتيجيًا وعقائديًا وضمنيًا، وعضيد من الدرجة الأولى ما كان يومًا إلا مؤيدا للمقاومة الحرة التي تدفع نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وكما أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي بتصريحات متتالية في أعقاب الهجوم المستمر على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، بأن "حماس فكرة والفكرة لا تموت".
هنية الذي كان يجذب حوله قادة وممثلي حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن كنقطة ارتكاز مشتركة للطرفين، والتي برزت كثيرا خلال الحرب على غزة، أبدى موقفه تجاه الأردن في أحد الاجتماعات مع أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة تحريض الشارع الأردني للتظاهر تضامنا مع فلسطين، وعليه كان الاجتماع حينها لتوضع النقاط على الحروف إذ أكد الراحل هنية آنذاك وأعضاء من مكتب حماس أنه إذا كان الأردن في أمان فهذا يعني قوة لفلسطين ، وبرز حينها مصطلح "معاذ الله" أن نحرض أو نهيج الشارع للتخريب أو الانقلاب وغيره، مع العلم أن ذلك تزامن مع استشهاد أبناء هنية في غزة وكان عاتبًا على الدولة الأردنية لأنه لم يصله لا تعزية ولا مواساة من أحد منهم.
موقف هنية تجاه الأردن كان واضحًا وحركة المقاومة على العموم كانت ترغب في بقاء الود السياسي ولو بالمجاملة مع الدولة الأردنية، حتى مع ضخ السم بالعسل ومحاولات شيطنة الحركة الإسلامية التي تُعامل على أنها واجهة للمقاومة ولتنفيذ سياساتهم، لكن السردية الأردنية عند المسؤولين كانت واضحة ولم تفسح المجال للكثير من المهاترات أو حتى الرد على الرسائل المبطنة من حماس كحق مشروع في الدفاع عن رأيها ورؤيتها تجاه ما حدث في الأردن من تظاهرات داعمة لغزة وفلسطين.
خليفة هنية وأن كان الحديث مبكرا نوعًا ما عن ذلك ، إلا أنه سيكون أمام مواجهة لتثبيت مبدأ وفكر المقاومة لأنه بالعقل الدبلوماسي لن يكون من خارج أبناء الحركة و"منهم وفيهم" ويعرف من أين تؤكل الكتف ، واستمرار ذات النهج في التعاطي الدبلوماسي والاستراتيجي وسير الحرب كما خططت لها المقاومة، هذا كله يفرض أيضًا الأخذ بالتلميحات السياسية ، فدول كالأردن وقطر سارعت بإدانة اغتيال هنية واعتبرت أنه عمل سيجر المنطقة إلى المزيد من الفوضى والعنف، والبيان الأردني اعتبر الأمر جريمة، وعلى العموم الإدانة بلغة الدبلوماسية الدولية تعبير عن موقف واضح لا مجال للأخذ والرد فيه كثيرا.