أجندة 2025

إسماعيل الشريف

«الولايات المتحدة تستخدم معايير مزدوجة في سياساتها الخارجية، مما يؤدي إلى الظلم وعدم الاستقرار في العديد من الدول.» - مهاتير محمد

كتبتُ أكثر من مرة عن الاستراتيجية الصهيونية «الانفصال النظيف»، وهي خطة أعدت خصيصًا لنتن ياهو في عام 1996 عندما استلم أول رئاسة وزراء له. تهدف الخطة إلى ضمان التفوق الصهيوني في المنطقة.

يدور الحديث هذه الأيام عن استراتيجية مشابهة تحمل اسم أجندة 2025، أعدت خصيصًا لترامب إذا ما فاز في الانتخابات. تهدف هذه الاستراتيجية إلى إعادة هيكلة الإمبراطورية التي تتراجع، لضمان استمرارها في سيادة العالم.
تقوم هذه الأجندة على أربعة محاور رئيسية:

1.السياسي: أعد 350 خبيرًا وقائدًا سياسيًا دليلًا سياسيًا وخطة عمل مفصلة لتتبعها إدارة ترامب.

2.قاعدة بيانات للموظفين الحكوميين: تضمن تعيين الموظفين القادرين والراغبين في تنفيذ الأجندة.

3.تدريب الموظفين: تدريب هؤلاء الموظفين على تطبيق الأجندة.

4.دليل قواعد اللعبة: يحدد الإجراءات التي يجب اتخاذها في أول 180 يومًا للإدارة الجديدة، ويشمل مراجعة جميع السياسات السابقة وإلغاء السياسات التي تتعارض مع هذه الأجندة، والمباشرة بتنفيذ الأجندة الجديدة.

وتهدف الأجندة إلى الحد من اللوائح والإجراءات، وإعادة هيكلة الوكالات الفدرالية، وفرض القيم الاجتماعية المحافظة.
ما يهمنا من هذه الأجندة هو السياسة الخارجية الأمريكية. فيما يتعلق بالأردن، تركز الأجندة على الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية وتعزيزها، ودعمه في تحقيق الاستقرار الإقليمي.

وبالطبع، تهدف الاستراتيجية إلى تنفيذ صفقة القرن والاستمرار في دعم الكيان الصهيوني. تلخيصًا لصفقة القرن لبنودها المعلنة، فهي تقوم على مبدأ «السلام مقابل المال» للفلسطينيين والتفاوض للوصول إلى حل الدولتين، مع اعتبار القدس عاصمة موحدة للصهاينة. تشمل الصفقة مبادلة بعض الأراضي بين الدولة الفلسطينية الوليدة والكيان الصهيوني، بشرط اعتراف الفلسطينيين بهوية الكيان الغاصب والتوقف عن أي شكل من أشكال المقاومة.

وتقضي الاستراتيجية بعدم مشاركة الولايات المتحدة في أي حرب قد تحدث في المنطقة إلا إذا أضر ذلك بمصالحها بشكل مباشر، وتقليل وجودها العسكري في المنطقة.

وستبقى إيران العدو الأول للولايات المتحدة في المنطقة. ستستمر الولايات المتحدة في عزل إيران دوليًا، والتشديد على فرض العقوبات الاقتصادية، وتسليح دول عربية في المنطقة لتحقيق التوازن الإقليمي، وتعزيز التطبيع بين الدول العربية والكيان الغاصب.

وستتفرغ الولايات المتحدة للصراع مع الصين التي تعتبرها عدوها الأول، بما في ذلك المواجهة العسكرية. أما فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، فستكون مسؤولية أوروبا تزويد أوكرانيا بالمال والسلاح، ودفع أوكرانيا باتجاه محادثات سلام، وقد يتطلب ذلك تنازلها عن مناطق مثل شبه جزيرة القرم.

وهنالك جوانب خفية في الاستراتيجية الجديدة، منها تطهير الدولة العميقة وزيادة صلاحيات الرئيس، مما سيؤدي إلى زيادة سيطرته على السلطة التنفيذية، وفرض القيم المسيحية على المجتمع الأمريكي. تشمل الاستراتيجية أيضًا إلغاء جميع تدابير المحافظة على البيئة ومكافحة التغير المناخي، واستهداف المؤسسات والسياسات الليبرالية مثل إلغاء برامج التعليم والصحة المجانية والرعاية الاجتماعية.

إذاً، ستتغير الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا. داخليًا، ستصبح أكثر محافظة وأقل ديمقراطية، وخارجيًا، ستكون أكثر عدوانية تجاه أعدائها، مثل إيران والصين. ستضرب بعرض الحائط كل المحاولات التي تهدف إلى التصدي للتغير المناخي.
أعتقد أننا أمام أجندة تهدف إلى إبطاء تراجع الولايات المتحدة، والتي سيدفع فاتورتها بقية سكان العالم.
جميع الحقوق محفوظة.