زهر «الروليت» وطلقته!
بشار جرار
روّج للنرد -للزهر- من جاروا على النشيد والأغنية وحتى «الطقطوقة»، روجوا للزهر وغنوا له في أغنية راجت في الأفراح وقلبت بعضها جراء المسكرات والمخدرات إلى أتراح، صاحوا «مسطولين»: آه لو لعبت يا زهر!.
لا لم تتبدل الأحوال! ترى كثيرا من الأحداث من حولنا وكأنها باللغة الفرنسية «دي جا فو»، أي إعادة مكررة، لكن لسوء الحظ، أكثر سوء مما سبقها. تحولت الحروب الشرق أوسطية من التعريف بأرقامها حرب 48 و67 ، في إشارة إلى سنة اندلاع (النكبة والنكسة)، لتتحول -بعد ازدحام «الأجندات» (أصلها لاتيني ويقول البعض عربي) وضيق «الروزنمات» (أصلها كردي والبعض يقول فارسي)- تحولت الأحوال إلى وبال على الناس، وهم حتى يومنا هذا في خلاف حول أسباب ونتائج «الهزيمة».
ها هو لبنان الحبيب يتحول بعد كارثة السبت الماضي في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل الذي ضمته إسرائيل واعترفت به إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب، يتحول إلى ساحة حرب لا يعلم سوى الله مداها، وإن جاهر طرفاها بحرصهما على عدم الدخول في حرب تؤدي إلى مواجهة شاملة أو حرب إقليمية. ما زالت لاءات إدارة الرئيس جو بايدن قائمة حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود في ساكن البيت الأبيض الجديد أو الجديد القديم أو القديم المتجدد!.
مطلقو الصواريخ والمسيرات لدى معظم -ما لم يكن جميع التنظيمات التي ترعاها إيران- اتضح أنها لم تختلف كثيرا عما حذر منه قبل نحو ثلاثة عقود الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عندما وصفها ب «العبثية»، الوصف عينه الذي اعتمده خلفه الرئيس محمود عباس وعدد من مناوئي محور نظام ملالي طهران. إن كانت تلك المقذوفات والمسيرات دقيقة فلماذا لم تردع؟ ولماذا تستجلب كل ما يخدم دعاة الحرب، في حرب السابع من أكتوبر وما قبلها منذ استيلاء حماس على السلطة في غزة وفصلها عمليا عن الضفة، أو منذ حرب تموز التي سنبحث لها عن تسمية أخرى في حال اندلعت الحرب قبل انقضاء الشهر الحالي لنميز بين مسببات ونتائج حربي تموز 2006 و2024.
معروف تحريم ونهي الأديان عن القمار. ومعلوم مدى استياء الناس حتى غير المتدينين من سلوك «القَمَرجي»، ذلك الذي يعيد اللعب بالزهر على أمل تغير الأحوال فيما يوالي خسائره وعلى حساب الآخرين باسمهم وتشجيعهم أحيانا طوعا أو قسرا.
ها هي سويسرا الشرق بلا مطار وبلا ميناء، تحسبا من «الانتقام» لأطفال أزهقت أرواحهم أثناء مباراة كرة قدم في مجدل شمس إحدى مدن الموحدين الدروز، بني معروف الأحرار الكرام، كتب الله مقامهم في عليين وألهم ذويهم الصبر والسلوان.
ها هو لبنان يخسر بمغادرة السياح والاستعداد لعمليات إخلاء وإجلاء، يخسر كآخرين في الإقليم موسما سياحيا راهن عليه الناس للتعافي من كارثتي كورونا وأوكرانيا.
من أعطى هذه التنظيمات غير المنتخبة وغير المساءلة شعبيا أو قانونيا، من أعطاهم الحق في مواصلة لعب الزهر وبلوغهم مرحلة الروليت الروسي؟ أما آن أوان سحب هذه الرصاصة ومصادرة مسدسهم الطاحونة وتسليم مطلقي النار للقضاء الوطني عندما يسترد سيادته، حتى يقول كلمته؟ أوليس فيهم رجل رشيد، في تلك الساحات التي تضبط إيقاعها طهران؟ ألا يعلمون أن «تشخيص مصلحة النظام» في «الجمهورية الإسلامية في إيران» يحسب أنفاسهم ويعدها انتظارا للدخان الأبيض من البيت الأبيض، كمالا هاريس -فيما يراه البعض ولاية رابعة لباراك حسين أوباما الذي صنع الاتفاق الدولي مع إيران- أو دونالد ترامب الذي قام بتمزيقه زاعما أنه يريد «جعل إيران عظيمة مجددا» إن هي انتهت من محاولات «تصدير الثورة» وكفّت عن ممارسة «سلوكها الخبيث» في المنطقة؟!