المسؤولية المجتمعية ومارثون الانتخابات البرلمانية

د.فريال حجازي العساف

في العاشر من أيلول المقبل الأردن ينتخب وفق قوانين مشاركة سياسية تم تعديلها وفق رؤى سياسية افرزتها مخرجات منظومة لجنة التحديث السياسي التي شكلت لهذه والتي كفلت المشاركة السياسية الفاعلة لمختلف شرائح المجتمع وذهبت الى أعمق من ذلك، بتمكين فئات المجتمع من النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة بأن كفلت لهم حق الترشح والتشريح الواسع في مختلف القوائم والدوائر الانتخابية.

الانتخابات البرلمانية المقبلة تشهد مارثونا واسعا بين الأحزاب السياسية التي خُصص لها في المجلس العشرين واحد وأربعون مقعداً نيابياً وكفل لها تشكيل القوائم الحزبية وحرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية في تمثيل القواعد الانتخابية كما مكنّ القانون الجديد للأحزاب السياسة المرأة والشباب والأشخاص ذوي الاعاقة من خوض العملية الانتخابية على عدة مسارات ومن أبرز المكتسبات التي حازت عليها المرأة في مسار التحديث السياسي الأردني، تمثلت بتخصيص مقعد واحد للمرأة على مسار (الكوتا) في كل دائرة انتخابية محلية بموجب قانون الانتخاب الجديد، والبالغ عددها 18 دائرة، في حين اشترط القانون في القوائم المترشحة للدائرة الانتخابية العامة، المخصص لها (41) مقعدا، وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين (رقم 3و6) في القائمة المشكلة. كما اشترط القانون وجود شاب أو شابة -يقل العمر عن 35 سنة- ضمن أول 5 مترشحين في القائمة الحزبية المترشحة للدائرة العامة، وأعطى القانون للمرأة حق اختيار مسار الترشح الخاص بها، إما على المقاعد المخصصة للنساء (الكوتا) أو مسار التنافس الحر ما يساعد المرأة على الترشح ضمن القوائم المحلية. فيما ألزمت الفقرة (ي) من المادة (15) من قانون الأحزاب ضمان حق منتسبيه من فئتي المرأة والشباب تولي المواقع القيادية فيه، واستقطاب الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم واستثمار طاقاتهم في خدمة أهداف الحزب وتوفير الترتيبات والمرافق التيسيرية وإمكانية الوصول لممارسة الأنشطة

وكما أنّ الغاية من التعديلات على المنظومة التشريعية هو احداث ثقافة مجتمعية تعبر عن كل تفرعات المجتمع وتنويعاته ستحدث بالتأكيد التغيير النوعي للمشاركة السياسية والاقتصادية للمواطن ودوره في مأسسة منهجية التغير السياسي والاجتماعي الذي يؤسس لنهضة سياسية وديمقراطية مسؤولة في اهدافها ومنطلقاتها في سياق وطني فالشراكة بين مختلف قوى المجتمع هي شراكة تبادلية في تعزيز النهج الديمقراطي وارتباط كل ذلك بشكل وثيق ومتصل بالمسار التنموي المستدام.

ان التمكين القانوني لمختلف القوى المجتمعية يتطلب منها وضع محددات ومنطلقات تفعل وتحفز من المشاركة في الانتخابات البرلمانية والمشاركة الحزبية الواسعة في الانتخابات المقبلة التي نأمل ان تكون بنيت برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بما يعكس اهمية البرامج ذات الرسالة الوطنية وكل ما يعزز من فرص توسيع المشاركة السياسية والاقتصادية للمواطن في صناعة القرار وتدل كذلك على مسؤولياته في مأسسة الثقافة المجتمعية التي تحمل وتحمي الانجازات التي حققتها وتحققها المملكة الأردنية الهاشمية .

ان المسؤولية المجتمعية الفاعلة بين مختلف القوى المجتمعية لا بدّ ان تسعى في برامجها وأهدافها ومبادراتها الى تحديد الاولويات او الاحتياجات او التحديات عبر منظومة من البرامج والخطط والنشاطات وبخاصة أننا مقبلون على انتخابات نيابية نوعية يتطلع اليها كل الاردنيين وعلى راسهم جلالة الملك عبدالله ابن الحسين المعظم، لا سيما وانها تشكل مفصلا ديمقراطيا هاما وتجسيد النموذج الذي يرضاه جلالة الملك ويليق بتجربة الاردن العريقة في هذا المجال وعنما نتحدث في اطار المسؤولية المجتمعية فأننا نتوقف عند جملة من المحاور المكونة لهذا المفهوم وارتباطها العميق بمفهوم التنمية السياسية والتي تعد الحراك الحقيقي للمجتمع والدولة، فالمسؤولية المجتمعية تعبر عن موقف ومسؤوليات وواجبات المجتمع من خلال مؤسساته المختلفة ولعل ابرزها الاحزاب السياسية والمنظمات والمؤسسات الاهلية بكل اهتماماتها وتخصصاتها ووسائل الاعلام فانها تساند في مسؤولياتها ودورها في المجتمع دور الحكومة ومؤسساتها هي ايضا في تنمية المجتمع واحداث التنمية المستدامة الشاملة .