ردًا على المتخوفين
نسيم عنيزات
برزت على السطح في الأيام القليلة الماضية تخوفات وهواجس لدى البعض من نتائج الانتخابات الامريكية وما ستفرزه من رئيس جديد ومدى تأثير ذلك على الاردن والمنطقة بشكل عام.
ومن باب حسن الظن وعدم الدخول في النوايا قد تكون تخوفات البعض نابعة من حس وطني الا انها مشروعة ومحقة إلى حد ما بناء على تجارب سابقة من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري وميوله الشخصي لا كسياسة أمريكية التي تلعب فيها الدولة العميقة دورا مهما ولديها القدرة في تغيير البوصلة والاتجاهات ميوله طبعا وانحيازه إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقد بنى البعض احكامهم على طريقة وبعض قراراته ابان فترة حكمه وطرحه لصفقة القرن التي تنهي الحلم الفلسطيني بإقامة دولتهم المستقلة وتبنى المشروع الإسرائيلي بأحادية الدولة وما يشكل ذلك من خطر على الأردن.
وعلى الرغم من الدعم والخدمات التي قدمها إلى دولة الاحتلال خاصة فيما بتعلق بتقل السفارة الأمريكية إلى القدس تنفيذا لقرار كان متخذا منذ سنوات قبل استلامه منصب الرئاسة مما يعني بأنه ليس صاحب القرار او صانع فكرته. فتح الباب واسعا وقدم خدمة لدولة الاحتلال في ملف التطبيع مع بعض الدول العربية الا ان خطته فيما يتعلق بصفقة القرن لم تر النور، كما ان التطبيع الحقيقي الذي كانت تحلم به وتطمح له دولة الاحتلال مع المملكة العربية السعودية لم يتم.
وبناء على ما سبق وردا على التخوفات فاننا نعتقد بأن أسلوب إدارة ترامب- اذا ما تمكن من الفوز في الانتخابات- لملفات الشرق الأوسط ومنطقتنا تحديدا سيكون مختلفا عما كان عليه في السابق.
وسيحدث استدارات ملموسة بعد استفادته من تجربته السابق و تعلمه الدرس جيدا حول طريقة إدارته الأحادية والأسرية معتمدا على صهره كوشنير ذي الميول اليهودية المتطرفة.
وما يؤكد ما ذهبنا اليه هو غيابه وابعاده _اي كوشنير _ كليا عن المشهد الانتخابي فلا وجود او دور له في الحملة الانتخابية مما يؤكد ان ترامب قد تعلم من اخطائه. ويلاحظ من خلال حملته لغاية الان غياب اي موقف متشدد او تصريح منحاز او واضح حول الحرب على غزة مكتفيا بضرورة وقف الحرب ودعم إسرائيل حيث رفض تقديم وعد لدكتورة يهودية ثرية اثناء دعوة على الغداء بدعم دولة الاحتلال في هذه الحرب مقابل دعمها ماليا لحملته الانتخابية حسب تسريبات صحفية أمريكية.
وبالعودة إلى الأردن والدولة العميقة الأمريكية فان الاردن يرتبط بعلاقات وثيقة مع الدولة العميقة ومراكز صنع القرار والدوائر المؤثرة بما يحقق حماية مصالحه.
كما تمكن الأردن بقيادته السياسية من تعميق تحالفه الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب نقلته إلى مستوى متقدم ومتميز الامر الذي انتج الاعلان عن فتح مكتب للناتو في الأردن مما يؤكد المكانة وعمق العلاقة الأردنية الأمريكية والغربية.
وفي ملف التطبيع فان احداث غزة قد أسفرت عن معطيات جديدة وخربطت كل الأوراق وبرزت على السطح معطيات جديدة وهذا ما أكده الموقف السعودي الذي ربط ملف التطبيع بشروط أبرزها وقف العدوان وإقامة دولة فلسطينية وتحالف استراتيجي واتفاقية دفاع مشترك من النوع المميز مما يعني ان الطريق ليست ممهدة امام ترامب كما كانت سابقا.
وايضا علينا ان ننظر الى المشهد الإقليمي الان فان الحرب على غزة قد قلبت الأوراق وغيرت النظرة الدولية لإسرائيل باعتبارها دولة خارجة عن القانون الدولي بعد ارتكابها لمجازر وابادة جماعية واستخدام سياسة التجويع وفرض حصار يتعارض مع كل القوانين والمواثيق الدولية وصدور قررات اممية بضرورة وقف العدوان وتقديم عدد من زعمائها للمحاكم الدولية.
وبمعنى اخر فان دولة الاحتلال.لم تعد متربعة في قلب الاهتمام العالمي ولن تحظى بنفس الدعم والتأييد بعد ان اهتزت صورتها اخلاقيا وعسكريا.
أما بالنسبة للاردن ايضا فقد مر بمواقف أصعب وازمات اشد تعقيدا ابان ازمة الخليج والعدوان على العراق وكان جورج بوش الابن رئيسا لأمريكا وهو جمهوري ايضا، الا اننا قد تمكنا من العبور.
وقد ثبت تاريخيا قدرة الأردن على التكيف والتعامل مع المستجدات وتطويع الادوات بسبب وجود خيارات وبدائل دائما خاصة في القضايا الدولية والعالمية لقدرته في كيفية التعامل مع الغرب وطرق الابواب.
وعلى الرغم من موقفنا من الحرب والعنوان الإسرائيلي على غزة الذي يتناقض مع الموقف الامريكي، الا ان الدعم الامريكي للأردن في العام القادم هو الأعلى في تاريخ العلاقات متجاوزا الـ2 مليار دولار.