معيشة المواطن أولوية حكومية
نيفين عبدالهادي
لم يكن ترفا، أو حتى خيارا، كان التحديث والإصلاح قرارا واضحا، بإصرار ومتابعة ليكون مفتاحا للمئوية الثانية للدولة الأردنية، لتتمكن حكومة الدكتور بشر الخصاونة من انجاز ثلاثة مشاريع تحديث كبرى شملت السياسية والاقتصادية والإدارية، لتصل بمنظومة الإصلاح لبرّ التنفيذ العملي ودخول تفاصيله بكامل هذه المسارات حيّز العمل.
وبطبيعة الحال من أبرز هذه المسارات حضر المسار الإداري والسعي لتحقيقه بأعلى درجات الإيجابية، لعلاج الكثير من التشوهات التي طالت القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، والسعي لإعادة الألق له، كما كان تاريخيا، وحدث بالفعل أن اتخذت الحكومة الكثير من الإجراءات لتحقيق إصلاح إداري ينعكس على موظف القطاع العام وأدائه، إضافة لمخرجات الوظيفة العامة وانعكاساتها على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، فأصبحت الخدمات الإلكترونية الحكومية تتسيّد طبيعة هذا الجانب، إضافة لتسهيل الكثير من الإجراءات واختصارها، علاوة على مراكز تقديم الخدمات الحكومية المميزة التي يحصل بها المواطن على أعلى درجات الإجراءات وتميزها دون أي جهد، وربما نحتاج كثيرا من المساحات للكتابة عن الإصلاح الإداري الذي أنجزته الحكومة.
وجاء نظاما الموارد البشرية والمعدّل لنظام الخدمة المدنية في ذات السياق الرامي للتحديث والتطوير الإداري، ليتبعهما جدل كبير سيما فيما يتعلق بمواد محددة بنظام الموارد البشرية، على الرغم من تأكيدات الحكومة أنها ستأخذ بأي رأي بهما، ومعالجة أي جزئية يمكن أن تؤثر على المواطن ووضعه الاقتصادي، سيما وأن هذا الجانب تحديدا أولوية حكومية بحرفيّة التطبيق.
جدلية نظامي الموارد البشرية ومعدّل الخدمة المدنية، بدأت منذ الإعلان عن تفاصيلهما، قابل ذلك جهد حكومي لشرح مضامينهما والتأكيد أنهما جاءا للإصلاح الإداري، وأنها تدرك تماما جهود موظفي القطاع العام، وأداءهم في تنمية الوطن، رغم وجود تشوهات تحتاج علاجا، معتبرة أن النظامين يعالجان جزءا من هذه التشوهات، وإن لم يحدث ذلك حتما كما أكد وزير الاتصال الحكومي الدكتور مهند المبيضين «لن تدفن الرؤوس في الرمال» وستكون منفتحة على الإعلام الذي يعدّ رافعة في الإصلاح والتحديث، وستأخذ بكل ما من شأنه تحقيق التحديث الإداري، وكذلك عدم المساس بمعيشة المواطن.
النظامان لن يبدأ تطبيقهما قبل نهاية العام الحالي، كون الحكومة الحريصة كل الحرص على التقدّم نحو الأمام دون الحاق أي أضرار بالمواطنين، ستعمل على شرح تفاصيلهما، والإجابة على أي تساؤلات بشأنهما، والأخذ بكل الآراء البنّاءة بقربها من المواطنين وعدم الابتعاد عن واقعهم، ما سيجعل القادم منسجما بشكل تام مع مسار التحديث ومعيشة المواطن، سيما وأن مواد كثيرة تضمنها النظامان نصت على حوافز ومكافآت ومزايا تساوي الوظيفة الحكومية بالخاصة، ومع هذا فإن الحكومة لم تغلق الباب على أفكارها سيما وأن ما تم الإعلان عنه استغرق قرابة العامين من العمل والبحث والدراسة والأخذ بعدد من الآراء.
بالأمس، قال نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لتحديث القطاع العام الدكتور ناصر الشريدة، إن لجنة حكومية «تشكلت بناء على توجيه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، لدراسة أثر حظر ازدواجية عمل الموظف الحكومي، أو عمله خارج اوقات الدوام، مع تأكيده على أنه لا يمكن للحكومة أن تتبنى شيئا يؤثر على معيشة المواطن، سيما وأن معيشة المواطن هي على رأس أولويات جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير الحسين ولي العهد»، ما يجعل من الصورة أكثر وضوحا وحسما، حيث ستعتمد الدراسة على أمرين اثنين رئيسيين هما التأثير على معيشة الوضع المالي للمواطن من جهة، وإكساب الموظف الحكومي الخبرات من القطاع الخاص أو الاستفادة من خبراته في القطاع الخاص من جهة أخرى.
حديث الدكتور الشريدة أمس حسم وطمأن ووضع رؤى بيضاء بأن عيش المواطن أولوية، وفي ذلك اغلاق باب جدليات تدور في فلك القلق، وتفتح بابا من الأمل والثقة بأن معيشة المواطن أولوية حكومية.