البيطار تكتب: مجلس نواب بنكهة جديدة
بقلم - حنين البيطار
مؤسسات عدة ساهمت في كتابة تاريخ العملية الانتخابية وعلى رأسها القيادة السياسية التي كانت مساهمة أصيلة في أنجازها عبر عقود، ولا أبالغ إن قلت على مدى قرن من الزمان، أضافة إلى توفر مؤسسات وأماكن آمنة لتلك العملية.
لم نُسجل غياباً للأهداف العامة النبيلة ولا القادة المميزين ولا تآكلاً خطيراً في الروح المدنية أو أنهياراً في نوعية الحياة العامة، وأضرب مثلاً من يجرؤ أن يجري إنتخابات برلمانية في ظل جائحة كورونا التي أجتاحت العالم، وفعلها سيد البلاد.
وبعد العدوان الإسرائيلي على بلادنا، وحفاظاً على أهمية البرلمان أمر الراحل الحسين في العام ١٩٨٤ باجراء أنتخابات داخل مجلس النواب لأختيار نواب الضفة الغربية، وكان ذلك، وأجتمع مجلس النواب بكامل نوابه ومثلت فلسطين بهِ.
نخرج من التاريخ وننتقل الى الواقع ليشهد شهر أيلول القادم ولادة مجلس نواب جديد ولكن «بنكهة»، جديدة ولم يكن الأمر بالمفاجئ في ظل قانون جديد للانتخاب ونظام تقسيم جديد للدوائر الأنتخابية ونظام تحديث سياسي جديد لِتُشارك المرأة والشباب والأحزاب، وبمعايير رسمية من التضامن والتعاون المتبادل، وبتوجه فكري يسعى لأن ينظر الى المجتمع المدني بوصفهِ ميداناً للفعل الحر الديمقراطي الذي يحد من غلواء تدخل سلطة الدولة وفق فصل السلطات، أضافة الى الرقابة والتشريع وعلى أهمية هذه الصياغات التزمت الدولة الأردنية بالأدبيات المعروفة والمتوارثة، ولم تلتزم الصمت عن أشياء كثيرة ولم تبتعد عن النظر فيها.
ثمة ثلاثة متون فكرية ترتسم على مسيرة الفكر السياسي الأردني بعيداً عن عمليات تهجين خصبت دائما كل تراث من هذه الثلاثة، فشكلت هذه المفاهيم الطريقة الاردنية بالتحديث الأقتصادي والتطور الأداري أو ما يسمى بالترهل الإداري وجلب مداخيل لموازنة الدولة التي أثقلت كاهلها، كالمديونية والبطالة والفقر دون ثورة عاصفة، بل ثورة بيضاء كما ساد هذا التعبير في عقود سابقة، والأمل لدى القيادة السياسية وسط الفوضى القاتلة في الإقليم ليصوغ مفهوماً جديداً عبر مراحله الأولى وهي الأنتخابات البرلمانية، مع منظور أخلاقي ثابت للحياة العامة تقود بداية في محاولته لتوحيد العناصر المتنافرة كما شاهدنا مع الأسف محاولات أختيار مرشح اجماع من خلال صندوق داخلي ينجز في محافظات المملكة، لكن صناديق الوفاق والأتفاق قام بعض الذين ليس لديهم فرص بالفوز «الداخلي»، بتكسير صناديق التصويت المحلية وكانت الوسيلة تلك هي التي تقود الى الابتزاز الجماهيري ولانحراف البوصلة.
نحن واثقون من بلورة مفهوم أوسع للأنتهاء من العملية الأنتخابية دون أي عراقيل قد تضر بمؤسساتها التي لديها ملفات عديدو تطوعت لحمياتها بعيداً عن عبث متواضع لا يزعج العنوان المقدس «وتستمر المسيرة »، ولأن لدينا أرث أردني يبتعد طويلاً عن الخطيئة ويشق طريقه الى العالم، محققاً رؤية نشامى الوطن في العزة والكرامة والعنفوان ونحن رجالها.