الفلسطينيون من يعوضهم
حمادة فراعنة
ذكرت إذاعة جيش المستعمرة أن: «العشرات من عائلات الجنود والمستوطنين القتلى، بما في ذلك عائلات فقدت أبناءها العام الماضي في أكتوبر 2023، تقدموا بدعوى أمام المحكمة المركزية في القدس للحصول على مبلغ 210 ملايين شيكل ضد السلطة الفلسطينية»!!.
طيب، وضحايا الشعب الفلسطيني وشهداؤه الذين يرحلون ويُقتلون، وهم بعشرات الآلاف من قطاع غزة، ويعلو ويرتقي منهم يومياً العشرات، على يد جيش المستعمرة وأجهزتها الأمنية، بشكل منظم مقصود، إضافة إلى شهداء القدس والضفة الفلسطينية وجميعهم من المدنيين، ومن الأولاد والصبايا دون السن القانوني، ولا ينجوا من أفعالهم القاتلة النساء والكهول، فمن هؤلاء يُعوض عائلاتهم عن فقدان أحبتهم، وكثيرون من المفقودين الراحلين هم مصدر دخلهم وتغطية احتياجاتهم ومعيشتهم.
صحيح أن التعويض المالي بن يُعيد الأحبة الذين ارتقوا ورحلوا بسبب قسوة الاحتلال وهمجيته وقتله المتعمد للمدنيين إما حقداً، أو رغبة في الانتقام رداً على عمل كفاحي تُشرعه القوانين الدولية ضد الاحتلال الأجنبي، أو حتى تسلية من قبل جنود المستعمرة الذين يتباهون أمام بعضهم البعض أنه «قنص» ولد يرمي الحجارة، أو تنفيذاً لأفكار ورؤى أعضاء الكنيست الذين يفخرون بجنودهم أنهم يقتلون « الارهابيين» ويحرضون على قتل الفلسطينيين لأنهم أعداء، سواء من الأمهات اللواتي يُنجبن الأطفال، أو كانوا من الأطفال الذين سيكبرون على ثقافة العداء للاحتلال، وللمستعمرة، ولكل من هو أجنبي مقيم على أرض فلسطين العربية الإسلامية المسيحية.
شعب فلسطين لا ينتظر الحسنة أو التقدير أو التفهم من قبل المستعمرة، ولا يقبل مقايضة الشهداء الأحبة المتفانين من أجل الوطن، ويدفعون ثمن البقاء والصمود، وثمن الحرية والاستقلال.
النضال والمطالبة بالحقوق يجب أن يكون بكافة الوسائل والأساليب والأدوات المشروعة التي تعكس معاناة الفلسطينيين بسبب الاحتلال والاستعمار والاضطهاد ومصادرة الأرض والحقوق والحياة، بينما يدفع المستوطنون الأجانب ثمن اضطهادهم وسرقتهم ونهبهم لحقوق الفلسطينيين، وليس بسبب كره الفلسطينيين لليهود كما يدعون، فاليهود كانوا ولا يزالون جزءا من الشعب الفلسطيني قبل 48، ومن العرب، قبل أن تعمل الحركة الصهيونية على تحريضهم وادعاء توفير الاستقرار والأمن لهم عبر ترحيلهم إلى فلسطين، مع أن ما فعلته كانت النتيجة غير ذلك، فاليهود يعيشون في أميركا وأوروبا وبلدان العالم كسائر المواطنين بأمن وسلام وتقدم على عكس الذين تم جلبهم إلى وطن الفلسطينيين وأرضهم، وتم توطينهم عنوة في وطن الفلسطينيين، ولذلك لن يعيشوا بالأمن والاستقرار طالما يسود الظلم والاحتلال والتمييز ضد الفلسطينيين العرب من المسلمين والمسيحيين والدروز.
ستحكم محاكم المستعمرة لمصلحة المستوطنين، ولن تنظر إلى مضمون الصراع ودوافعه، بين الذين يتوسلون الحرية والاستقلال والكرامة، وبين الغزاة الأجانب الذين يعملون على ترحيل الفلسطينيين وتشريدهم، عبر القتل والتدمير كما تفعل المستعمرة وجيشها في قطاع غزة ومخيمات جنين وطولكرم ونابلس، وفي القدس وسائر فلسطين.