«الديموقراطيون»: حزب «يسارِيّ» صهيوني «جديد».. في «إسرائيل»؟
محمد خروب
في جديد المشهد السياسي والحزبي المأزوم والمُحبَط, بعد فشل المُعارضة الصهيونية في إسقاط حكومة الإئتلاف الفاشي, الذي يقوده مُجرم الحرب نتنياهو, فضلاً عن الأزمة العميقة التي عصفتْ وما تزال, ببقايا أحزاب وقوى «اليسار الصهيوني», وبخاصة حزب «ميرتس», الذي فشِل في دخول الكنيست رقم 25 في إنتخابات الأول من تشرين الثاني عام 2022, ناهيك عن حزب «العمل» الذي واظبَ الزعم بأنه «يسار صهيوني», لكنه لم يكن كذلك ذات يوم, منذ قيام الكيان الغاصب على أرض فلسطين وتشريد شعبها, ناهيك عن التنكيل والحروب العدوانية على الشعب الفلسطيني ودول الجوار العربي, فضلاً عن تدشينه «أول مستوطنة» استعمارية في الضفة الغربية المحتلة, في عهد نبيّ السلام «الاقتصادي» المزيَف, المُروِّج للشرق الأوسط «الجديد»... شمعون بيرس, وهي مستوطنة «سبسطية» في العام 1976.
نقول: جديد المشهد الحزبي في دولة العدو, هو إعلان حزب «العمل» الذي وصل إلى أدنى مستوياته خلال السنوات الماضية, «إندماجه» مع حزب «ميرتس» في حزب واحد، في خطوة يسعى من خلالها «اليسار الصهيوني» إلى المنافسة على السلطة واستغلال الحِراك المناهض لحكومة نتنياهو إذ أعلن حزبا «العمل» و«ميرتس» أول أمس/الأحد، أنهما توصّلا إلى اتفاق «وحدة لدمج الحزبين الصهيونيين» في منظومة حزبية واحدة تحمل اسم «الديمقراطيين», تحت قيادة رئيس حزب العمل المُنتخَب حديثاً، يائير غولان، بحسب ما جاء في بيان مشترك. الذي جاء فيه أيضاً «توصّلَ ممثلو حزب العمل، بقيادة رئيس الحزب ونائب رئيس الأركان الأسبق، يائير غولان، وممثلو ميرتس، بقيادة الأمين العام للحزب، تومر رزنيك، إلى اتفاق تاريخي على الاتحاد في حزب يُسمَّى «الديمقراطيون».
كما أوضحَ البيان أن (الحديث ليس عن «كتلة تقنِية» لخوض الانتخابات في قائمة واحدة، وإنما «خطوة تاريخية تنتج حزباً واحداً كبيراً ومُوحَّداً؛ حزباً صهيونياً ديمقراطياً ليبرالياً سيكون بيتاً سياسياً لجمهور واسع في إسرائيل"). لافتاً إلى أن (جمهور الحزب سيكون من «أولئك الذين يخرجون لحماية هوية وشخصية الدولة, ومن هيئات المجتمع المدني التي تسعى إلى إنتاج مجتمع صِحي أفضل)»، مُنوِّهاً/البيان بأن «الاتفاق سيُعرض لموافقة الهيئات المُختصة في الحزبين».
نحن إذا أمام حزب جديد/طازج, إحدى أبرز خطواته اللافته, ليس فقط دمجُ حِزبين مأزومين كانا مُرشّحيْن للإندثار والإختفاء النهائي, من الخريطة الحزبية في دولة العدو العنصرية, بل خصوصاً في أنهما وافقا على «شطب» إسمَيّ الحزبين «التاريخيّين», وحمله إسماً جديداً هو «الديموقراطيون». ما قد يمنحه فرصة للتنافس الجديّ في أي انتخابات مُقبلة, بعد أن كانت استطلاعات الرأي, حتى آخر إستطلاع نشرته صحيفة «معاريف» يوم الجمعة الماضي, ان حزب «العمل» لن يجتاز نسبة الحسم (3,25%), فيما «ميرتس» مُتأرجح حول تلك النسبة زيادة طفيفة أو هبوطاً أسفلها. لكن - وهذا مثير ومهم - في حال اندمج الحزبان أو نافسا بقائمة واحدة, فإنهما - قالت الإستطلاعات–سيحصُلان على 9 ــ 10 مقاعد في الكنيست 26 الجديدة.
وإذ إعتبر البيان أن «الاتحاد يُعد خطوة ضرورية, في بناء بيت ديمقراطي كبير وقوي, يقود الحِراك الرامي إلى استبدال (الحكومة المِسّيانِية المُتطرفة) برئاسة بنيامين نتنياهو». مُشدِّداً على أن «إخفاق 7 أكتوبر والأشهر التي تلته, زاد بما لا يدع مجالاً للشك أنه، على عكس الماضي، هناك عمل من القيادة السياسية, قد يُعتبر (بداية تنظيم لبديل سلطوي) لحكومة نتنياهو وسموتريتش وبن غفير الفاشلة». لافتاً إلى أن «الحزب الجديد سيكون موطناً لجميع القوى, التي تناضل من أجل الديمقراطية وهوية دولة إسرائيل. ويُقدم/الحزب منصة فكرية وعملية حديثة, لإحياء دولة إسرائيل الديمقراطية والآمنة والحرة بروح قيم وثيقة الاستقلال». مُوضحاً في الوقت نفسه أنه «تم الاتفاق على أن يتم اختيار القائمة الحزبية الجديدة للكنيست, في انتخابات تمهيدية ديمقراطية, يشارك فيها أعضاء الحزبين الجديدة والموظفون الجدد الذين سينضمون». فإن من المفيد الإشارة الى ان البيان «خلا» من أي «برنامج سياسي واضح ومُحدد, خاصة إزاء ما يراه قادة الحزبين المندمِجين وكوادرهما, حول القضية الفلسطينية ومستقبل الصراع مع الشعب الفلسطيني والمستوطنات والقدس «والدولة الفلسطينية», وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره, وهي في ما نحسب هي المؤشر والدليل الحاسم على طبيعة وهوية وايديولوجيا الحزب الجديد, الذي قال رئيسه «المُؤكَّد", الجنرال يائير غولان وهو في خدمته, كنائب لرئيس اركان الجيش الصهيوني, مرتدياً بزّته العسكرية قبل سنوات معدودات, (وكان مُرشحاً قوياً لموقع «رئيس الأركان», لكن نتنياهو حال دون ذلك, بعد تصريح غير مسبوق لغولان) قال فيه حرفياً: ان ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين, يشبه تماماً ما كان يرتكبه النازِيّون ضد اليهود.
kharroub@jpf.com.jo