استخدام القوة النافذة والمفرطة خرق فاضح للقوانين الدولية
علي ابو حبلة
بحسب القانون الدولي الإنساني وكافة القوانين والمواثيق الدولية واتفاقيتي جنيف الثالثة واتفاقية لاهاي وفيما يتعلق بقوانين الحرب، فإن الضفة الغربية، القدس الشرقية ضمنا، وقطاع غزة هي أراض محتلة، وتخضع إلى «معاهدة جنيف الرابعة» لعام 1949، و»قواعد لاهاي» لعام 1907، والقانون الدولي العرفي.
إن سلوك إسرائيل في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزه يشكل خرق فاضح لكافة القوانين وان استعمال القوة المفرطة وقصف المدنيين بالطائرات والقذائف المدفعية والصواريخ ترتقي لمستوى جرائم الحرب، وعلى سبيل المثال، توصلت أكثر من مرة «اللجنة المعنية بحقوق الإنسان» التابعة لـ «الأمم المتحدة»، وهي هيئة الخبراء المستقلة التي تفسر «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» (العهد الدولي)، إلى أن الدول ملزَمة باحترام معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها حتى خارج حدودها، لا سيما وأنّ «أحكام العهد تنطبق لمصلحة سكان الأراضي المحتلة».
وقد دعمت «محكمة العدل الدولية» وجهة النظر هذه في رأيها الاستشاري حول جدار الفصل الإسرائيلي، الذي نص على أن العهد الدولي «ينطبق على الأفعال التي تقوم بها دولة خلال ممارسة صلاحياتها خارج أراضيها». صادقت دولة فلسطين أيضا على العهد الدولي، ومعاهدات حقوقية أخرى، ما يعزز ضرورة تطبيقها في كامل الأراضي المحتلة.
إسرائيل تعتبر نفسها دوله فوق القانون وأن التزاماتها بحقوق الإنسان لا تسري على الأراضي المحتلة، هذا في حين أن قانون الاحتلال يسمح لسلطة الاحتلال بفرض قيود أمنية على المدنيين، إلا أنه يفرض في الوقت نفسه على القوة المحتلة أن تعيد إرساء الحياة العامة للسكان الخاضعين للاحتلال. وتزيد أهمية هذا الواجب مع الوقت في حالة الاحتلال الطويل، إذ يكون للمحتل الوقت الكافي لوضع استجابات تكون مفصلة على قياس التهديدات الأمنية وتخفف من القيود على الحقوق. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأذى اللاحق بالسكان الخاضعين للاحتلال والناتج عن التقييد غير المحدود للحقوق الأساسية يتفاقم مع الوقت.
وقد دعت هيومن رايتس ووتش السلطات الإسرائيلية، إلى ضرورة احترام كامل الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، قياسا على الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الإسرائيليون.
ويقدم القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان مجموعات متمايزة من القواعد لتنظيم استخدام القوة. وتفاصيل حالة معينة هي التي تحدد ما إذا كانت تسري القواعد المتعلقة بشرعية استخدام القوة الساري في إنفاذ القانون – التي يحكمها القانون الدولي لحقوق الإنسان – أو القواعد التي تحكم استخدام القوة بموجب قوانين الحرب.
إسرائيل التي تشن حربها على غزه و تتسم بحرب الإبادة يجب أن، تكون أفعالها محكومة بمعايير سير الأعمال العدائية المنبثقة عن قوانين الحرب، المؤلفة من قانون المعاهدات، والقانون الدولي الإنساني العرفي الساري في النزاعات المسلحة غير الدولية. ينص قانون المعاهدات، ولا سيما المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949، على توفير الحماية الأساسية للمدنيين والمقاتلين المحتجزين من الدول والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة على حد سواء.
عندما تقوم قوات الاحتلال، بمهام إنفاذ القانون المتعلقة بالسكان الخاضعين للاحتلال، تنطبق المعايير الدولية المتعلقة بإنفاذ القانون، بما في ذلك «مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين».
إن استعمال القوة المفرطة في الضفة الغربية وغزه والقدس أمر خارج نطاق القانون الدولي ويبلغ درجة من الشدة غير المعهودة، وانطلاقا من هذه المعايير ونتائج الأبحاث، طبّقت هيومن رايتس ووتش معايير إنفاذ القانون المنبثقة من القانون الدولي لحقوق الإنسان لتحليل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في الضفة الغربية، وتمنع هذه المعايير القوى الأمنية من الاستخدام المتعمد للقوة القاتلة، بما في ذلك ضد عناصر المجموعات المسلحة، في غياب التهديد الوشيك للحياة.
خلال الحالات التي تنطبق عليها هذه المعايير، يُشكِّل القتل المتعمد لأفراد على يد عناصر القوة الأمنية، خارج ما تسمح به معايير إنفاذ القانون، انتهاكا جسيما للحق في الحياة كما يعرّفه القانون الدولي لحقوق الإنسان.
إن خطورة الاقتحامات اليومية واستهداف المواطنين الفلسطينيين بالقتل والاعتقال وهدم البيوت على ساكنيها وتدمير البني التحتية بشكل متعمد واعتداءات المستوطنين بالرصاص الحي والقوة المفرطة المؤدية إلى الموت. تتطلب من مجلس منظمات حقوق الإنسان مطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال وفرض العقوبات عليها وإلزامها التقيد بما نصت علية الاتفاقات والمعاهدات الدولية وحماية المدنيين وعدم تعريض حياتهم للخطر.
إن الإطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية ترقى لمستوى جرائم حرب.
إن المجتمع الدولي مطالب للقيام بدور فاعل في مساءلة دولة الاحتلال وضرورة تأمين الحماية للفلسطينيين الذين يرزحون تحت الاحتلال.