الأحزاب القديمة والغياب التام للديمقراطية الداخلية .. أين هي وماذا تفعل الآن ؟
د. محمد أبو بكر
يبدو أن الأحزاب القديمة او التي كانت قائمة في السابق وتمكنّت من تصويب أوضاعها لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالانتخابات النيابية القادمة ، فهي تدرك بأنه من الصعب عليها منافسة أحزابا جديدة ، تحاول الحصول على الأخضر واليابس والفوز بحصّة من القائمة الحزبية.
تلك الأحزاب، وبعد تصويب أوضاعها اختارت الإنزواء بعيدًا، أو العودة إلى الكهف، لعلّ الله يلطف بها ويعيدها إلى الحياة، غير أنّها غير راغبة بالعودة للحياة ، فآثرت الغياب التام عن الساحة الحزبية ، وكأنّ ما يحدث على الساحة السياسية يجري في بلاد واق الواق.
الأحزاب المذكورة بقيت على نفس شاكلتها وهيكلها، هذا إذا ما كانت تمتلك فعلا هيكلا تنظيميا، وهي أبعد ما تكون عن الممارسة الديمقراطية الداخلية ، فالأمين العام هو نفسه منذ أكثر من عقدين من الزمن ، والقيادات نفسها دون أدنى تغيير ، فكيف لها أن تتقدم أو تشارك في إحداث التغيير؟.
يمكن القول وبكلّ بساطة وجود ما يقارب العشرين حزبا سياسيا ، لا تدري ماهي فاعلة ونحن على مقربة من يوم الإقتراع للإنتخابات ، فلا حسّ ولا خبر يأتي من بيوت الأحزاب المذكورة ، والتي فقدت بالفعل معنى أن تكون حزبا سياسيا ، ينافس ويصارع للبقاء.
غياب الديمقراطية عن تلك الأحزاب هو الأسوأ ، فالجميع يرغب بالتغيير ، في حين يرفض القائمون على هذه الأحزاب إحداث التغيير ، الذي ربما يقودها إلى مرحلة أفضل ، وحين سألت جفرا أمينا عاما لحزب اختار الكهف مكانا له ، كانت إجابته مفاجئة ، حيث عبّر عن الندم من استمراره في الحياة الحزبية ، حيث كلّفه ذلك الكثير من الإنفاق المالي ودون فائدة ، مشيرا إلى أن العمل الحزبي اليوم يحتاج لأكتاف عريضة ودعم مالي كبير لا يقدر حزبه عليه.
في حين أشار آخر لعدم تفاؤله تجاه المرحلة القادمة ، وهو في ذلك يعبّر عن حزبه الذي لم نسمع عنه شيئا منذ تصويب اوضاعه ، وكأن الأحزاب القديمة قد وضعت عصا الطاعة للأحزاب الحديثة ، التي تبذل بعضها جهودا واضحة لإثبات ذاتها والمشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة من خلال قوائم حزبية ، وعينها على عدة مقاعد في المجلس النيابي المقبل والذي سيحمل الرقم عشرين.
الصراع والتنافس بين الأحزاب في الانتخابات القادمة سيكون محدودا من حيث عدد الأحزاب التي ستشارك بكلّ ثقلها ، ويمكن القول بأن التنافس الحقيقي لن يتجاوز خمسة أحزاب، كل منها لديه طموحات وأطماع، وهذا حقّ لكل حزب يرغب بخوض هذه التجربة الفريدة من حياتنا الحزبية ، التي ربما تشكّل نقلة كبيرة في الحياة السياسية بعد عقود من العمل الحزبي الذي كان فارغ المضمون، ولم يقدّم ما يشفع له طيلة أكثر من ثلاثين عامًا.