حريق في حيّ.. ونخوة الدفاع المدني
نيفين عبدالهادي
لفت انتباهي وأنا في طريقي لمنزلي يوم أمس دخان يملأ سماء المنطقة والأحياء من حول منزلي، فتوقفت للحظات لمعرفة سبب هذا الدخان الذي بدا واضحا أنه نتيجة حريق، وعندها عرفت ان حارس إحدى العمارات قام بحرق الأعشاب الجافة حول مكان سكنه وبعدما أشعل النار لم يعد قادرا على السيطرة عليها لتمتد لأبعد ما كان يتوقع.
وسارع ليبرر لي أنه قام بحرق الأعشاب بطلب من سكان العمارة نتيجة لعدم رغبتهم برؤية هذه الأعشاب اليابسة ولقناعتهم بأنها تسبب تكاثر الحشرات، لكنه لم يعتقد أن شرارته ستؤدي لهذا الحريق الواسع الذي اضطره لطلب نشامى الدفاع المدني لإطفاء الحريق .
ولا نجافي الواقع إذا ما قلنا إن ما شاهدته بجانب منزلي أمس، نكاد نراه في أغلب أحياء ومناطق عمّان، خلال هذه الفترة، يقابل ذلك حرائق منتشرة وتتزايد يوميا وبشكل لافت، ما يجعل من نشامى الدفاع المدني يعملون دون توقف على مدار الساعة، بل على مدار الأيام، هي ظاهرة ولم تعد حالات فردية، فكل من أراد التخلّص من أشجار أو أعشاب أو حتى مخلّفات لمواد يشعل النار بها، لتؤدي لنشوب حرائق، وربما لا سمح الله تؤدي لأضرار.
ما حدث أمامي أمس لم يستغرق دقائق، وبالطبع عدم الدراية والعشوائية في التعامل مع هذه الحالات، واتخاذ إجراءات وقائية ووسائل عدم تمدد النار لتتسع رقعتها، حتما يؤدي لنشوب الحرائق، وما يثير الإعجاب والتقدير والثناء سرعة تجاوب نشامى الدفاع المدني مع طلب سكان العمارة بإطفاء الحريق، فلم تمض ربع ساعة بالحد الأقصى حتى جاءت سيارة «الإطفاء» وتم اخماد الحريق خلال دقائق، وعاد نشامى الدفاع المدني وقد قدموا السلامة لكافة سكان المنطقة، ودون وقوع أي أضرار، عادوا بعرق تعبهم وفرحة سكان أحد أحياء منطقة الرابية ممن عاشوا لحظات من الخوف والقلق من وصول الحريق لمنازلهم وممتلكاتهم.
ربما في شكر نشامى الدفاع المدني الذين يقومون بجهود جبارة يوميا مقدمين أرواحهم وأجسادهم بكل حبّ للمواطنين، ولكل طالب عونهم ومساعدتهم، فرسالتهم واضحة وهدفهم واحد بأن لا يطال الضرر أي مواطن أو مقيم، ما يحتاج منا جميعا أن نتشارك المسؤولية بعدم الاستهانة بإشعال النيران أو بمتطلبات السلامة أو الأخذ بالأسباب الاحترازية والوقائية الكفيلة بالحد من هذه الحرائق، دون ذلك فكل من يلجأ لإشعال النار أو الطلب من أي شخص ذلك لحرق أعشاب غير مرغوب بها أو لمكافحة الحشرات عليه أن يتحمل مسؤولية أي حرائق تحدث نتيجة لذلك.
سرعة استجابة نشامى الدفاع المدني أمس والتي شاهدتها بنفسي، وجهودهم التي لم تستغرق سوى دقائق لإخماد الحريق، جهود مقدّرة ومثمنة وتعكس الحس الوطني لديهم، ومسؤوليتهم الإنسانية حيال المواطنين، ربما لم يسمعوا دعاء الأمهات بعدما أخمدوا الحريق، لكن حتما شعروا بها في قلوبهم الأردنية العظيمة، هو حادث حريق من حوادث ربما كان رقم عشرة أمس أو أكثر أو أقل يتعاملون معه، لكنه لسكان المنطقة هو الأول والمنقذ، وكان أداؤهم كأنه الأول بالسرعة في الوصول وبالإخماد، كل هذا يجعلنا نكون جميعا شركاء في التعامل مع ظروف الصيف بشكل مختلف أكثر مسؤولية لتجنب الحرائق.
حريق في حيّ.. رأيت به نخوة نشامى الدفاع المدني وسرعة استجابتهم وعملهم المتميز، كله حدث في دقائق، نتيجة لاستهانة حارس عمارة بالتعامل مع شروط السلامة العامة، واستخفاف سكان عمارة بضرورة مراعاة ظروف الطقس وإجراءات الوقاية، ليحدث في الحيّ حريق، ويحضر نشامى الدفاع المدني حضورا يحكي قصّة عشق الوطن.