أزمات غير مسبوقة.. الآثار الاقتصادية للحرب على غزة في إسرائيل

كشف تقرير نشرته شركة الاستشارات الاستثمارية Henley & Partners المتخصصة في الإقامة والجنسية الدولية، خروج إسرائيل من تصنيفات هجرة الثروات الخاصة لعام 2024.

ولم تكن إسرائيل في أي وقت معرضة لمجموعة المخاطر والأزمات غير التقليدية، حتى مع دخولها أية حروب إقليمية، إلا أن الحرب على قطاع غزة، أوجدت أزمات اقتصادية غير تقليدية.

ولأول مرة منذ عدة عقود، يغادر عدد أكبر من المهاجرين الأثرياء إسرائيل، مقارنة بالقادمين إليها، وفقا لتقرير هجرة الثروات الخاصة.

وفي كل عام، تسرد الشركة 20 دولة استوعبت أكبر عدد من الأثرياء؛ ففي العام الماضي، احتلت إسرائيل المرتبة الثانية عشرة مع 600 شخص ثري إضافي يعيشون في البلاد؛ بينما احتلت المرتبة الثامنة في عام 2022.

يقول تقرير هجرة الثروات: "في انقلاب للأحوال، يكشف التقرير أن إسرائيل خرجت من قائمة أكبر تدفقات الأموال لأول مرة في عام 2024.. ويمثل هذا تحولا كبيرا”.

وبالعودة إلى تاريخ التقرير المستمر منذ قرابة 50 عاما، احتلت إسرائيل المرتبة العاشرة بين أفضل الوجهات لمهاجري المليونيرات لعدة عقود، كمرتبة متوسطة.

ويعني ذلك، أن الحرب دفعت عددا أقل من المستثمرين الأثرياء الذين أبدوا اهتماما بالاستقرار في البلاد، لكن ما حصل أن شريحة واسعة من المستثمرين، نقلوا رؤوس أموالهم إلى أماكن أخرى أكثر أمانا.

وتعرف شركة هنلي الشخص الثري، بأنه شخص لديه أصول سائلة تزيد عن مليون دولار.

واحتلت الإمارات العربية المتحدة المركز الأول في القائمة، حيث اجتذبت 6700 مهاجر من أصحاب الأموال خلال العام الماضي. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، حيث اجتذبت 3800 مهاجر.

** قيود على التأشيرة الأمريكية
كذلك، من الأزمات التي واجهت إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة، تقرير أوردت تفاصيله صحيفة يدعوت أحرونوت، أظهرت أن الولايات المتحدة -الحليف الأكبر لإسرائيل- قيدت دخول رجال الأعمال الإسرائيليين إلى أراضيها.

وبحسب التقرير، فإن المقابلات التي تتم مع إسرائيليين للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، تظهر قيودا وأسئلة حساسة حول انتسابهم للجيش.

ويعني ذلك، أن رجال الأعمال الإسرائيليين، أمام مخاطر تأثر أعمالهم في السوق الأمريكية، والتي تعد الحديقة الخلفية للاقتصاد الإسرائيلية بالنسبة لهم.

ونقلت الصحيفة عن رجال أعمال قولهم، إن المقابلات التي تجريها مكاتب الهجرة والقنصليات، تظهر أن الأسئلة وكأنها صادرة عن محكمة الجنايات الدولية، وليس عن قنصلية.

تقول الصحيفة: "يبدو أن السبب وراء ذلك هو الحرب في غزة، حيث يتم التحقيق مع بعض الإسرائيليين المتقدمين بطلبات للإقامة، حول ما إذا كانوا قد خدموا في الجيش الإسرائيلي وطبيعة خدمتهم السابقة”.

وزادت: "بحسب تحقيق صحفي أجريناه، فإن الولايات المتحدة تسأل الإسرائيليين المتقدمين للحصول على البطاقة الخضراء عما إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم حرب”.

وخلص التحقيق إلى أن "المتقدمين الإسرائيليين للحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة أصبحوا يخضعون حالياً لتحقيق معمق فيما يتعلق بخدمتهم في الجيش، بما في ذلك مهارات استخدام الأسلحة والمتفجرات”.

** قادة التكنولوجيا
وبعد إحباطهم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يفكر بعض قادة الأعمال الإسرائيليين في دخول السياسة، بحسب مخرجات منتدى اقتصادي نقلت تفاصيله "بلومبرغ”.

ودعا المنتدى الذي يضم أكبر 200 من قادة الأعمال في إسرائيل، الأسبوع الماضي، إلى إجراء انتخابات مبكرة "لإنقاذ إسرائيل من أزمة اقتصادية عميقة”.

ووفق مسح للأناضول لبيانات المشاركين في المنتدى، فإن نصف الشركات المدرجة في مؤشر بورصة تل أبيب TA-35 ممثلة فيه، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيين لأربعة أكبر البنوك (هبوعليم، ليئومي، ديسكونت، مزراحي).

ومن بين الذين حضروا المناقشات والذين قيل إنهم يفكرون في دور سياسي من داخل عالم التكنولوجيا، كيمي بيريز من بيتانجو، نجل الرئيس السابق شمعون بيريز.

كذلك، من بين الأسماء، الرئيسة التنفيذية لشركة بابايا جلوبال إينات جيز؛ وإزهار شاي، شريك في شركة رأس المال الاستثماري Disruptive AI؛ وهو وزير علوم سابق قُتل ابنه الجندي أيضا في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وتشير تقديرات البنك المركزي إلى أن الحرب على غزة ستكلف إسرائيل نحو 67 مليار دولار حتى عام 2025، أو ما يقرب من 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 لأول مرة منذ ثماني سنوات، وفقًا لصندوق النقد الدولي، فيما الحكومة الإسرائيلية في طريقها إلى تسجيل أكبر عجز في ميزانيتها هذا القرن خلال 2024.

وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، مما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، تسببت الحرب بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور التدابير المؤقتة من محكمة العدل الدولية، وكذلك رغم إصدار مجلس الأمن الدولي لاحقا قرار بوقف إطلاق النار فورا.

ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.

وتعرقلت جهود التوصل إلى الصفقة الأخيرة بعد رفض إسرائيل لها بدعوى أنها لا تلبي شروطها، وبدئها عملية عسكرية على مدينة رفح في السادس من مايو/أيار، ثم السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في اليوم التالي.

وبادلت الفصائل 105 من المحتجزين الإسرائيليين وبعضهم عمال أجانب، بالعديد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خلال هدنة إنسانية مؤقتة استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.

وبينما تتحدث تل أبيب عن بقاء 121 أسيرا من هؤلاء بأيدي الفصائل، تؤكد الأخيرة مقتل عشرات منهم بغارات إسرائيلية على القطاع.

وكالات