هل تلتزم تل أبيب وخصوصاً واشنطن.. بـِ«القرار 2735»..؟؟
محمد خروب
نجحت إدارة الرئيس الأميركي/ بايدن, في إستصدار القرار2735 بموافقة 14 دولة وإمتناع روسيا, بعد سلسلة من المناورات والضغوط لتمرير مشروع القرار الذي قدمته إلى مجلس الأمن, و«إرغامها» على إدخال ثلاثة تعديلات على النص «الأصلي», المُليء بالثقوب والمُفخخ بخبث وتواطؤ مكشوفيْن, والذي رام من بين أمور أخرى تبرئة شريكتها الفاشية من مسؤوليتها عن حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير, المتواصلة أميركياً وصهيونياً منذ الثامن من أكتوبر الماضي.
ولئن كان لافتاً على نحو يزيد من الشكوك والريبة, «الترحيب» الأوروبي والبريطاني بل والغربي في شكل عام بهذا القرار, على رغم إفشال زعيمة ما يُسمى العالم الحُرّ, مشروعات القرار التي عُرضت على مجلس الأمن خمس مرات, عبر استخدام الفيتو ضد قرارات كانت تدعو إلى «وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة». فضلاً عن أن دولة العدو الصهيوني لم تُوافق عليه في شكل مُعلن ورسمي حتى هذه اللحظة. فإن إصرار الجانب الأميركي على تضمين القرار عبارة تقول: إن «إسرائيل وافقت عليه», تستبطِن منح حكومة الفاشيّين في تل أبيب, هامش مناورة ليس فقط للتلكؤ في تنفيذ المراحل «الثلاث» للقرار, بل خصوصاً في تحميل حركة حماس المسؤولية عن «عرقلة» التنفيذ, وتوفير الوقت للجيش النازي الصهيوني, لمواصلة قصفه الوحشي لمُخيمات النازحين, وما تبقى من عمران وبنى تحتية في المدن والبلدات الفلسطينية في القطاع المنكوب, ويجب أن لا ننسى ما قارفه الشريكان الأميركي والصهيوني من مجازر في مخيم النصيرات, لـ«تحرير» أربعة أسرى صهاينة.
عودة إلى الغموض الذي تسربل به القرار/2735 الصادر للتو عن مجلس الأمن الدولى, والذي خلا من أي إشارة إلى «عقوبات» ستُفرض على الطرف الذي «لا» يلتزم بنود القرار ومراحله الثلاث,. ونقصد بالغموض المُصطلح الذي «أصرّت» واشنطن على «إبقائه» كما هو, رغم طلب أكثر من مندوب «توضيحه», خاصة المندوب الروسي, وهو (الوقف الفوري و«المستدام» لإطلاق النار).
ليس دائماً بل «مُستداماً» ولم تتزحزح المندوبة الأميركية/ غرينفيلد قيد أنملة, لتغيير «المُستدام» إلى «دائم», وهو أمر قد يراه البعض «ثانوياً», إلا أن معناه وأثره الميداني/ السياسي أبعد من مجرد خلاف «لغوي», وهذا يعيدنا إلى الجدل الصاخب الذي رافق المشاورات, التي جرت في أروقة مجلس الأمن, عشية التصويت على مشروع القرار «الأميركي» في نسخته السادسة قبل ثلاثة أشهر (22/3/2024), والذي تم إسقاطه بفيتو روسي وآخر صيني, ومعارضة الجزائر أيضاً, كون النسخة الأميركية الأخيرة تضمنت ما يلي: (إقرار ضرورة «الوقف الفوري والمُستدام» لإطلاق النار, لحماية المدنيين من جميع الأطراف، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية الأساسية، وتخفيف المعاناة الإنسانية، ودعم الجهود الدبلوماسية لتأمين وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن).
ولم يختلف نص القرار الأخير/2735 عن العبارة «الملغومة» التي كانت موضع خلاف مع الصيغة الأميركية قبل ثلاثة أشهر. ما يستدعي بالضرورة التوقف عند «الفرق» في المعنى اللغوي كما القانوني لـ«مُفردتيّ».. دائم ومُستدام. التفسير «المُعجمِيّ» يقول ما نصّه: (المُستَدام مُصطلحٌ «بيئيّ» يُستخدم لوصفِ الأنظمة «الحيويّة البيئيّة", التي تبقى متنوّعة ومُنتجة مع مرور الوقت، ويُستخدم لفظ المُستدام بشكل عامٍ لـ«وصف الأشياء الدائمة غير المنقطعة»، كأن يُقال: تنمية مُستدامة أو مناطق مُستدامة).
مع التذكير بأن متحدث الخارجية الأميركية رفضَ وقتذاك (22 آذار/2024), «توضيح الفرق» بين دائم ومستدام، قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن، قائلاً: «ليس لدينا أي تفاصيل لمشاركتها حول ذلك». أما المُتخصص في إدارة النزاعات في كلية «جونز هوبكنز» للدراسات الدولية، بروفيسور/دانيال سيروير، فأشار إلى «عدم وضوح», كون استخدام مُصطلح «الوقف الفوري والمُستدام لإطلاق النار» يعني «وقفاً دائماً أم لا». هنا تكمن «أسرار» اللعبة الأميركية الاستعمارية المتواطئة مع العدو الصهيوني, مانحة إياه فرصة التملص من إلتزاماته.
وهو كذلك ما أكّد عليه المندوب الروسي/ فاسيلي نيبينزيا قبل إمتناعه عن التصويت قائلاً: أن القرار الأميركي بشأن غزة «غامض»، ويعتمد على إتفاقات يُديرها وسطاء, غير واضح عما يتفاوضون عليه وعلى ماذا وافقت إسرائيل. مُشيراً إلى أن «القرار الأميركي بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة غامض، وثمّة تساؤلات بشأنه»، مؤكداً أن «معالم الصفقة النهائية لا تزال حتى الآن غير واضحة، لا أحد ربما باستثناء الوسطاء على علم بها، واضعو الاتفاق - أضافَ - لم يبلغونا في مجلس الأمن بشيء. في الواقع هذا مثل السمك في الماء». مُشدداً/ نيبينزيا على أن تنفيذ بنود القرار الأميركي الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي «لا يمكن إلا أن يبقى حبراً على الورق».
فهل تصّدُق «نبوءة» المندوب الروسي؟, أم أن القرار/2735 سيُقلِع, ويجد طريقه الى التنفيذ من شريكيّ حرب الإبادة الجماعية الصهيوأميركية؟.
الانتظار لن يطول.
kharroub@jpf.com.jo