مفترق طــرق
إسماعيل الشريف
صعود القوميين خطر على أمتنا، وعلى مكانة فرنسا في أوروبا والعالم - ماكرون العالم مقبل على زلزال سياسي؛ فاليمين المتطرف سيحكم العالم قريبًا. أولى مؤشرات ذلك تصدُّره نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي. هذا أثار مخاوف أوروبا، مما دفع ماكرون إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة في نهاية الشهر الحالي. كما استقال رئيس وزراء بلجيكا ودعا إلى انتخابات مبكرة. وبطبيعة الحال، ستُجرى الانتخابات البرلمانية البريطانية الشهر المقبل، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر تشرين ثاني المقبل وتشير استطلاعات الرأي إلى فوز الشعبوي ترامب. وتزامن ذلك مع استقالة غانتس وإيزنكوت المحسوبين على الليبراليين من مجلس الحرب الصهيوني، مفسحين المجال لمزيد من التطرف في حكومة نتنياهو. ولا ننسى أيضًا الانتخابات الإيرانية التي تشير التحليلات إلى أن تأثير الحرس الثوري سيكون كبيرًا في نتائجها.
إذن، المتطرفون قادمون وسيحكمون العالم قريبًا!
إذا ما وصلت الأحزاب المتطرفة في اوروبا إلى السلطة ووصل ترامب إلى سدة الحكم، فمن المتوقع أن يوقفوا الحرب الروسية الأوكرانية، ويتركوا الصين تبتلع تايوان. ولكن للأسف سوف يستمر الدعم للصهاينة؛ فهذه الأحزاب تكره العرب والمسلمين وتؤمن بحروب نهاية الزمان، حتى لو صرحوا برغبتهم في إيقاف الحرب. بالطبع، لن يرسلوا جيوشهم أو سلاحهم، وإنما سيكون الدعم معنويًا مع تسهيل تجنيد الشباب للمشاركة في الحرب المقدسة في فلسطين.
وإذا ما حدث ذلك، فنتوقع حربًا إقليمية كبرى بين الصهاينة وحزب الله، المستعد لهذه الحرب، خاصة بعد تزويده بأنظمة مضادة للطائرات، يُرجَّح أنها روسية الصنع. وقد انتقل إلى المرحلة الثانية من حربه مع الصهاينة بحرق شمال فلسطين المحتلة، والمرحلة الثالثة ستكون الحرب الشاملة.
أما بالنسبة لنتنياهو، فهو يشعر بنشوة الانتصار بعيد تحرير الأسرى الأربعة، ونتائج الاستطلاع تشير إلى زيادة شعبيته فالصهاينة يحبون الرئيس الذي يقول لا للولايات المتحدة وهو دور يتقنه نتن ياهو تماما، وإن كان حزبه أو حزب غانتس لا يستطيعان حسم الانتخابات فيما لو تم الذهاب إلى انتخابات مبكرة. لذلك لن يكون هذا أحد خياراته. بل لديه خياران: الأول هو زيادة تحالفه مع الأحزاب المتطرفة، وبالتالي يزيد إصراره على موقفه برفض إيقاف النار والمماطلة بانتظار نتائج خطابه في الكونغرس الشهر المقبل. أو التخلص من المتطرفين في حكومته واستبدالهم بالمعارضة الذين لا يثق بهم!.
لذلك، واستعدادًا للمرحلة المقبلة، فإن الدولة العميقة في الولايات المتحدة، تحقيقًا لمصالحها وخوفها من نشوب حرب إقليمية وقطع الطريق على بايدن المدعوم من الصهاينة، تمارس ضغوطها على بايدن لإيقاف الحرب. لذا نرى بايدن يغيّر من مبادرته لإيقاف الحرب، مقدمًا مقترحًا لمجلس الأمن لتبني قرار فوري بإنهاء الحرب. وسيزيد من ضغوطه على نتنياهو عبر المؤسسات الدولية، ولكن لن يدخل في مواجهة مباشرة معه؛ فلديه انتخابات بحاجة إلى أصوات الصهاينة.
لذلك، نحن أمام مفترق طرق: إما الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، أو حرب إقليمية كبرى لا تُبقي ولا تَذر، لذلك فشهر تموز المقبل سيكون شهرا ساخنا!