نتنياهو يسرق الدويري أيضاً!
رشاد ابو داود
يبدو أن نتنياهو يستمع الى تحليلات اللواء فايز الدويري ويسرق منها. ففي تصريحات له عن عملية استعادة الأسرى الأربعة في غزة قال « ان هذه العملية سوف تسجل في كتب التاريخ «. وهو نفس التعبير الذي يستخدمه الدويري كخبير عسكري واستراتيجي في تحليله للعمليات النوعية التي تنفذها المقاومة والتي ثبت صحتها على مدى الحرب على غزة المتواصلة للشهر التاسع. ويحلل الدويري أن مثل هذه العمليات سوف تدرس في أهم الكليات والمعاهد العسكرية في العالم.
نتنياهو وجد ضوءاً خافتاً وربما سراباً لما سماه نصراً. مجرد قشة تعلق بها وجعل منها بيدق نصر ظل يتشدق به ويكرره كل يوم. لم يقل للاسرائيليين ماذا كان يفعل جيشه طيلة شهور الحرب من دون ان «يحرر» أسيراً واحداً بل قتل عددا منه في عمليات سابقة فاشلة.
ولم يذكر أن جرائمه في غزة أوصلته شخصياً ومعه وزير حربه غالانت الى متهم بجرائم حرب في محكمة الجنايات الدولية و»دولته» الى قفص محكمة العدل الدولية بتهمة الابادة الجماعية. ولم يتطرق الى مظاهرات التأييد لفلسطين في كافة دول العالم، حتى في قلب واشنطن مرضعة كيانه بالمال والسلاح والمشاركة الاستخباراتية وحتى الميدانية كما تأكد من مشاركة خلية المختطفين الأميركية في «مسخرة « تحرير الأسرى الأربعة.
ولم يشر نتنياهو حتى الى الهاوية التي يجر اسرائيل اليها من خلال توسيع الحرب خاصة على جبهة المقاومة اللبنانية في الشمال وهو ما يحذر منه قادة سابقون للجيش والاستخبارات اضافة الى صواريخ اليمن والعراق وربما لاحقاً إيران. الهاوية قد تؤدي الى زوال اسرائيل كما ألمح الكاتب الأميركي توماس فريدمان حين قال في مقابلة عن توقعه لنهاية الحرب « إما أن تولد دولة فلسطينية أو تزول دولة من المنطقة». ويقصد بذلك اسرائيل طبعاً.
فريدمان يعتد بتحليلاته باعتباره متخصصا على مدى عقود بشؤون الشرق الأوسط وهو من كان وراء المبادرة السعودية التي تبنتها قمة بيروت لتصبح مبادرة عربية العام 2002. وملخصها، انسحاب كامل الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967 واقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع عربي مع اسرائيل.
حكومات اسرائيل المتعاقبة حتى ما سميت منها «المعتدلة» رفضت المبادرة. والآن يحكمها ويتحكم بها أقصى المتطرفين ممثلين ببن غفير الذي يدعو لاعادة احتلال غزة بالكامل وسموترتش الذي رفع خارطة للكيان شطب منها الأردن أيضاً، وهو ما يتوافق مع الحلم الصهيوني «أرضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل» !
ماذا عن ادارة بايدن ؟
للأسف، كلما جاء «ليكحلها يعورها «، أو هو يقصد ذلك. الخطة التي طرحها لحل حرب غزة، كما قال محللون، هي نفس خطة نتنياهو. أضاف اليها بعض توابل المساعدات ووعودا، مجرد وعود، بالدولة الفلسطينية، لن تتحقق مثل ما لم تتحقق المبادرة العربية منذ 22 سنة. اللغم الأخطر في الخطة أنها تعطي بمراحلها الفرصة لاسرائيل باستئناف العدوان على غزة في أي وقت تشاء بينما تكون حصلت على أهم ورقة لدى المقاومة وهي ورقة الأسرى.
المقاومة التي أدارت بذكاء حرباً لثمانية أشهر ولم تزل، لن تنطلي عليها الخديعة الأميركية. وغزة ذات الـ 360 كم مربع التي كسبت تعاطف الكرة الأرضية لن ترضخ.
خطة بايدن لا تضمن نهاية للحرب والمقبلات المرفقة بها ليست بديلاً عن ضمانات بانسحاب كامل للاحتلال من غزة.