هل ترحل حكومة "الأيام الجميلة"؟ .. سؤال يشغل الشارع الأردني "بكثرة"

كثر اللغط في الأردن في الآونة الأخيرة حول رحيل حكومة بشر الخصاونة، في ظل عدم حماسة شعبية ونيابية لاستمرارها، حيث يعتبرون أن حصيلتها خلال السنوات الأربع الماضية كانت هزيلة، ولم ترتق إلى سقف الطموحات المرسومة.

عمان - تنشغل الأوساط السياسية وحتى الشعبية في الأردن هذه الأيام بمصير حكومة بشر الخصاونة التي تقترب من نهاية ولايتها الدستورية، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت سترحل أم سيجري التمديد لها للإشراف على الانتخابات النيابية التي ستجرى في العاشر من سبتمبر المقبل. وتقول أوساط سياسية أردنية إن مصير حكومة الخصاونة سيحسم بعد الانتهاء من الاحتفالات الوطنية بمناسبة "اليوبيل الفضي”، الذكرى الخامسة والعشرين لجلوس الملك عبدالله الثاني على العرش، والتي سيسدل الستار عنها في العاشر من الشهر الجاري.

ووفق الدستور الأردني، يتوجب على الحكومة تقديم استقالتها خلال أسبوع من صدور الإرادة الملكية بحل مجلس النواب قبل 15 يوليو المقبل، وترى الأوساط أنه إذا صدرت الإرادة الملكية بحل المجلس بعد هذا التاريخ، فستبقى الحكومة الحالية، وستجرى الانتخابات النيابية المقبلة في عهدها.

وتعكس أصداء الشارع الأردني رغبة في رحيل حكومة الخصاونة التي يرون أنها فشلت في تنفيذ جميع التعهدات التي قطعتها سواء على الصعيدين التنموي أو الاقتصادي، أو في تقليص نسب البطالة المرتفعة لاسيما في صفوف حملة الشهائد العليا، هذا إلى جانب عجز الحكومة عن احتواء الدين العام الذي قفز إلى 25 في المئة خلال الفترة الأخيرة. ولم ينس الأردنيون أنه في عهد الحكومة الحالية تم تمرير جملة من القوانين المثيرة للجدل على غرار قانون الجرائم الإلكترونية، الذي ينظر إليه على أنه استهداف للحريات وتكميم للأفواه.

وأثار الخصاونة مؤخرا موجة تندر على مواقع التواصل الاجتماعي حيث قال خلال افتتاح منتدى "تواصل 2024” حول "منعة الأردن: من الاستقرار إلى الانتعاش” إنه لا يزال يؤمن بأن أفضل الأيام على الأردنيين هي التي لم تأتِ بعد، وهي عبارة كان قالها قبل عدة سنوات.

ونصح رئيس الوزراء الشباب الأردني بألا يعيشوا في إطار أيّ نمط من السلبية وإحباط العزائم وألا يرتكنوا إلى السوداوية التي تؤثر عليهم وعلى وطنهم وأن يبقوا في أجواء التفاؤل والإيجابية التي تعزز قدراتهم. وأضاف في تلك المداخلة "عيب على أيّ مسؤول أن يسمح لنفسه بالجلوس في موقع المسؤولية وأن يقدم السلبية أو السوداوية، ومن راهن من حولنا على ضعف وتضعضع الأردن زال وتراجع وبقي الأردن يتقدم ويتطور بمنجزاته التي يقودها الملك ويعضده ولي العهد”.

سمير الرفاعي: مع فكرة حصول حزب ما على 6 أو 7 مقاعد في الحكومة القادمة
وقال نشطاء أردنيون في تعليقات على منصة إكس إن صبرهم نفد "من انتظار قدوم الأيام الجميلة التي بشّر بها بشر الخصاونة”، فيما عرض آخرون بالأرقام المؤشرات السلبية للاقتصاد الأردني، ونسب المديونة التي ارتفعت بشكل حدي في عهد الحكومة الحالية. ولا تقتصر التحفظات على استمرارية حكومة الخصاونة، على الشارع الأردني فهناك الكثير من النواب الذين لا يخفون رغبتهم في رحيلها، ويرون أنها من أكثر الحكومات التي عمدت إلى تهميش البرلمان، واستهداف جوهر صلاحياته ومنها الرقابية. 

ولم تخل العديد من الجلسات النيابية من مناوشات بين نواب ووزراء. ولطالما اشتكى أعضاء في المجلس الحالي من عدم رد الوزراء على هواتفهم وعدم مقابلتهم عند قيامهم بزيارات ميدانية للمقرات الحكومية. كما ساهم عدم حضور الوزراء لجلسات هامة مع اللجان التشريعية في تعميق الفجوة بين الحكومة والمجلس الحالي. وترى أوساط سياسية أن بعض المؤشرات توحي بإمكانية رحيل الحكومة بالتزامن مع حل البرلمان، لافتين إلى أن التكريم الذي حظي به الخصاونة مؤخرا، حيث قلده الملك عبدالله الثاني وسام النهضة العالي، هو بمثابة شكر له على جهوده خلال السنوات الأربع الأخيرة التي لم تكن سهلة على المملكة سواء لجهة مواجهة التحديات الاقتصادية أو في علاقة بالأوضاع الإقليمية.

وتقول الأوساط إن ما يعزز هذه القراءة أيضا هو منح جلالة الملك رئيس مجلس النواب الحالي أحمد الصفدي ورئيس مجلس النواب الأسبق عبدالمنعم العودات وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى، ما يعني أن هناك قرارا بطي صفحة المجلس في أيّ لحظة.

وتلفت الأوساط إلى أن المرجعية العليا في البلاد حريصة على أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة فاتحة لمرحلة جديدة في البلاد، وهو ما يجعلها تفكر في تغيير الحكومة الحالية. وقد بدأت بالفعل بورصة الترشيحات لخلافة الخصاونة، حيث هناك من يرى عودة عمر الرزاز، وتكليفه بتشكيل حكومة مهمتها الرئيسية هو التحضير والإشراف على الانتخابات النيابية.

وفي غمرة التكهنات التي تسوّق لقرب رحيل الخصاونة، هناك رأي آخر يقول إن الحكومة الحالية ستبقى إلى حين الانتهاء من الاستحقاق التشريعي، حينها سيتم تشكيل حكومة قد تتضمن وجوها حزبية في سياق مسار يستهدف تأهيل القوى السياسية، إلى حين بلوغ الهدف المنشود وهو تشكيل حكومة برلمانية. ولم يستبعد نائب رئيس مجلس الأعيان رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي فكرة أن تكون هنالك مشاورة للأحزاب السياسية أو إشراك لهم في الحكومة القادمة، من باب التأهيل.

وقال الرفاعي في مقابلة مع المجلة الأردنية للسياسة والمجتمع "شخصياً لست ضد فكرة أن يحصل حزب ما على ست أو سبع مقاعد في حكومة قادمة، فلنبدأ بتأهيلهم ليكون هناك في المستقبل نواب من الحزبيين والذين عملوا في الحكومات، ولا يجب أن يكونوا موجودين فقط لأنهم حزبيون فحسب، بل أن يكون الواحد منهم حزبيا ضليعا”.

واعتبر رئيس الوزراء الأسبق أن قضية تمكين الحزبيين تحتاج إلى تدرج وأنّ الاستعجال في تشكيل حكومة حزبية بعد الانتخابات القادمة 2024 سيكون مجهضاً للفكرة نفسها.

 وكلّف جلالة الملك عبدالله الثاني في السابع أكتوبر 2020، الخصاونة بتشكيل الحكومة، وقد أجرى رئيس الوزراء سبعة تعديلات على الحكومة كان آخرها في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي. 

والخصاونة هو رئيس الوزراء الثالث عشر في عهد الملك عبدالله منذ تولّيه العرش في السابع من فبراير 1999.

العرب - بتصرف