ما بين إغاثة الملهوف وإكرام الضيف استجابة لم تتأخر يوماً
بسمة العواملة
هكذا نحن الأردنيين كنا وما زلنا اصحاب المروءة الشهامة نكرم الضيف ونغيث الملهوف، فما كنا يوماً الا سنداً وعوناً لجميع اشقاءنا العرب، اشتعلت التوترات والحروب من حولنا فلجأ الينا الأخوة من كل حدب وصوب، وبرغم امكانياتنا الاقتصادية التي لا تخفى على احد الا أننا لم نغلق حدودنا وابوابنا بوجه من استجار بنا، اشتعلت الحرب في سوريا الشقيقة فلجأ الينا ما يزيد عن المليون ووثلاثمئة لاجئ سوري تقاسمنا معهم الغذاء والماء وكل ضروريات الحياة ولم يشكوا شعبنا يوماً رغم تقاعس وتخلي المجتمع الدولي عن مسؤوليته في تقديم الدعم لمساعدة الاردن في تحمل هذه الاعباء التي اثقلت كاهله، وقبله تم استقبال العديد من اللاجئين من عدة دول عربيه شقيقة وما وجدوا الا بلداً مضيافاً يغيث الملهوف ويحسن اكرام الضيف.
و امتداداً لهذا النهج العربي الاردني بقيادته الهاشمية الحكيمة، يستضيف الأردن في الحادي عشر من الشهر الجاري مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة والذي سيعقد في البحر الميت بتنظيم مشترك بين المملكة الاردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية والأمم المتحدة، واهداف المؤتمر تنطلق من ثلاث محاور اهمها المطالبة بالوقف الفوري لحرب الإبادة وضرورة إيصال المساعدات للقطاع بالإضافة الى مواجهة خطط التهجير القسري والنزوح.
و هذه المحاور التي عملت عليها الدولة الأردنية منذ بداية العدوان وقد تحدث فيها جلالة الملك حفظه الله وولي عهده الأمير حسين وجلالة الملكة رانيا في جميع المحافل والمنصات الدولية وعلى مدار اشهر من بداية العدوان الغاشم، ناهيك عن التحركات الدبلوماسية الأردنية التي لم تهدأ من بداية العدوان في محاولات وجولات مكوكية لحشد الدعم الدولي الانساني لوقف هذه الحرب المستعرة.
نعلق الكثير من الأمال على مخرجات هذا المؤتمر الهام لوقف هذه الإبادة والتصدي بقوة لكل محاولات التهجير القسري، وربما يكون قد آن الأوان لمشاركة القطاع الخاص في هذه الجهود الرامية الى تحقيق السلام والاستقرار ومن ثم إعادة الإعمار.
و بالاخص أن جلالة الملك حفظه الله كان دوماً في خطاباته يؤكد على دور القطاع الخاص الى جانب القطاع العام والتشاركية الحقيقية بينهما لدراسة المقترحات وايجاد الحلول وضمن مأسسة وتأطير لهذه الشراكة انسجاماً مع التوصيات المنبثقة عن مؤتمر لندن والذي عُقد تحت عنوان النمو والفرص والي تم التأكيد فيه على ضرورة مساعدة الاردن لتحقيق النمو الإقتصادي لتعزيز الإقتصاد الوطني، وقد يقول قائل وما علاقة مؤتمر الاستجابة لمخرجات مؤتمر لندن، واجيب بان العلاقة وثيقة بينهما، فحتى يستطيع الاردن الاستمرار في تحمل كل هذه الاعباء من استجابة للازمة السورية وما تبعها من أزمة لجوء، امتداداً للاستجابة لأزمة الحرب الدائرة في غزة وما يتبعها من جهود إعادة الاعمار، جميع هذه القضايا تحتاج الى تشاركية حقيقة فعالة بين القطاعين العام والخاص لأجل إحياء هذه المبادرة الأردنية الإنسانية.
فاقتصاد الدولة الذي انهكته ازمة اللجوء السوري واحدثت كم هائل من الضغوط على جميع القطاعات سواء منها القطاع التعليمي او الصحي مروراً بازمة الغذاء العالمي ناهيك عن ازمة شح المياه التي نعاني منها في بلادنا، بمعنى أن القطاع العام بالدولة لن يكون بمقدوره أن يتحمل تبعات هذه الحرب والاستجابة لتداعياتها وبتحقيق محاورها الثلاث اذا لم يقترن ذلك بدعم القطاع الخاص وتحمل المنظمات الدولية مسؤوليتها تجاه هذه الأزمة لتحقيق مستوى عالِ من الاستجابة الانسانية الفورية الطارئة في غزة.
الدور الاردني بقيادتة الهاشمية الحكيمة سيكون له الدور الاكبر في مجريات هذا المؤتمر كون الاردن البلد المضيف وقد كان البلد الاكثر تقديماً للمساعدات الانسانية والأكثر ديناميكية في جهوده الدبلوماسية الرامية الى وقف الحرب والدعوة الى الجلوس على مائدة الحوار واعادة الامل بدعم الجهود الرامية الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967،
ندعوا دوماً للالتزام بقيم الانسانية السلام والعدالة، فيكفي ما عاناه اهل غزة من قتل وحرب ابادة وتنكيل وتشريد، فلم يكن يوماً خيار الحرب الا مدعاة لتبجيل ثقافة الموت
اما نحن في هذا الوطن الذي قُدر له أن يحيا وسط اقليم ملتهب وتوترات متزايدة فلم يكن خيارنا يوماً الا بذل الجهود والمساعي للتهدئة ولنزع فتيل الحروب والدعوة دوماً للسلام فقدرنا كان دوماً اغاثة الملهوف واكرام الضيف، ودمتم يا وطني آمناً مستقراً ودوماً الأردن اولاً واخراً وما بينهما الى أن يرث الله الأرض وما عليها.