الأحزاب "بحيص بيص" بتمويل الحملات الانتخابية.. وبعضها يرى الحل في جيوب الاثرياء !

د. محمد أبو بكر

كثيرًا ما جرى التداول والحديث في المال السياسي والمال الأسود، والفارق بينهما كبير ولا مجال للمقارنة بين هذا وذاك ، فالمال السياسي يجري التعامل معه في كافة البلدان الديمقراطية، حيث تعمل الأحزاب على جمع التبرعات من أجل القيام بالحملات الانتخابية الخاصة بها ، ويمكن أيضا للأفراد المترشّحين القيام ذلك، وهو مسموح به ومتاح ومشروع .

وفي حالة بعض الأحزاب السياسية في الأردن، وفي ضوء عدم وجود دعم مالي من الدولة كما كان في السابق ، فإنّ من حقّ الأحزاب الحصول على الأموال اللازمة لتنفيذ حملاتها الانتخابية ، والتي ستكون مرهقة جدا على الصعيد المالي من قبل بعض الأحزاب التي ستشارك بصورة قويّة وفاعلة من خلال قوائم في مختلف الدوائر على مستوى المملكة .

 بعض الأحزاب في الأردن قد تلجأ إلى تبرعات من قبل أعضائها الميسورين ، إضافة إلى قيام مترشحين بتقديم مبالغ مالية لزوم الحملة الانتخابية ، وهذا حقّ مشروع للحزب السياسي ، الذي سيقوم بدوره بالعملية الانتخابية برمّتها نيابة عن كافة مترشحي الحزب .
ومن هنا ؛ يجب أن نفرّق تماما ذلك النوع من المال عن المال الأسود ، أو المال الحرام ، والذي ينتشر بصورة كبيرة مع كل موسم انتخابي ، وسواء شئنا أم أبينا ، فإنّ هذا المال موجود وبصورة كبيرة ، والجميع يعلم ذلك ، حين يتعلّق الأمر بعملية شراء الذمم ، وبيع الأصوات مقابل مبالغ معينة ، ويمكن اعتبار ذلك شراء للضمائر بصورة أو أخرى .

ودائما ما تشدد أجهزة الدولة على مراقبة المال الأسود ومحاسبة من يمارس ذلك ، غير أنّ ذلك لا يشهد نجاعة ، ومن الصعوبة بمكان السيطرة على عمليات شراء الأصوات ، والتي يلحظها كثيرون ، لأنّ من يقومون بذلك يمارسونها بالخفاء وبعيدا عن الأعين ، إلّا أنّ المواطن الأردني يبقى هو العين الرقيبة ، وهو القادر على وضع حدّ لهذه الآفة ، التي قد نواجهها خلال الانتخابات النيابية القادمة .

اختيار المرشّح للإنتخابات النيابية هو أمانة في عنق كل مواطن يرغب بإيصال من يراه يستحق ذلك ، فالمقعد النيابي مسؤولية كبيرة ، نحن نتحمّل وزرها كمواطنين ، لدينا الرغبة الأكيدة برؤية مجلس نيابي مختلف ، يعكس توجّهات الأردنيين بصورة واضحة ، تغلّفه نكهة حزبية طال انتظارها ، نأمل أن لا تصيبنا بالخذلان ، بحيث تنتابنا الحسرة على المجالس السابقة – لا قدّر الله - .