تقرير: أفقر المدخنين الأردنيين ينفقون على السجائر أكثر من "صحتهم وتعليمهم"
يشارك الأردن العالم إحياء اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ، والذي يصادف 31 أيار من كل عام، حيث جاء هذا العام تحت شعار "الشباب ينهضون ويرفعون صوتهم".
ووفق المجلس الأعلى للسكان، يمثل إحياء هذا اليوم منبراً للشباب حول العالم يحثون من خلاله الحكومات على حمايتهم من أساليب التسويق المخادعة الشرسة التي تمارسها صناعة التبغ، حيث تستهدف هذه الصناعة الشباب لتحقيق أرباح مدى الحياة من خلال إنشاء موجة جديدة من الإدمان.
وأشار المجلس إلى أن الأطفال أصبحوا يتعاطون السجائر الإلكترونية بمعدلات تفوق مثيلاتها بين البالغين في جميع الأقاليم.
- حقائق وأرقام -
قدرت منظمة الصحة العالمية عدد مستخدمي التبغ ومدخنيه في الأردن في عام 2022، بـ 2.77 مليون شخص؛ منهم 2.29 مليون ذكر، و483 ألف أنثى.
وجاء الأردن في المرتبة الأولى كأكثر دولة استخداما للتدخين بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما فما فوق في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 36% لعام 2022، يليه لبنان بنسبة 34% ومصر بنسبة 24.7%، مع توقع ازدياد النسبة في الأردن عام 2025 إلى قرابة 37.1% وإلى 38.3% عام 2030، بحسب تقرير حديث بعنوان " اتجاهات تعاطي التبغ 2000-2030" صادر عن منظمة الصحة العالمية.
وأوضحت نتائج المسح الوطني التدرجي (STEPs) لرصد عوامل الخطورة المرتبطة بالأمراض غير السارية 2019 أن نسبة المدخنين بين السكان من مجموع عينة المسح الذين تتراوح أعمارهم بين (18-69 سنة) بلغت 41%، وشكل المدخنــون للســجائر الإلكترونية وأجهــزة الـ (Vape) بنسبة 9.2%، كما كان انتشار التبــغ أعلــى بيــن الرجــال مقارنــة بالنســاء، حيــث بلــغ 65.3% مــن مدخنــي التبــغ التقليدي (السجائر المصنعة والسجائر الملفوفة يدوياً والشيشة والغليون والسيجار والتبغ غير المدخن)، و15% من مستخدمي المنتجات الحديثة (السجائر الإلكترونية وأجهــزة الـ Vape)، مقابل 16.4% مــن النســاء كــن مدخنــات تبــغ تقليدي و2.4% مسـتخدمات للمنتجـات الحديثة.
وكانت منتجات التبغ التقليدية التي يدخنها الذكور أساساً هي السجائر المصنعة في المقام الأول 84%، والشيشة 21% والسجائر المجهزة أو الملفوفة يدوياً 18%، وكانت السجائر المصنعة أيضا هي المنتج الرئيسي المستخدم بين المدخنات حسب ما ذكر 61٪ من المشاركين في المسح.
ومن ناحية أخرى، يصل تدخين الشيشة بين الإناث إلى 43%، وذلك ضعف ما شوهد لدى الرجال، وتم الإبلاغ عن تعاطي السجائر المجهزة يدوياً من قبل 10% من الإناث.
وكان متوسط مدة تدخين المنتجات التقليدية بين المدخنين في الفئة العمرية (18-69 سنة) نحو 17 عاماً، ووصلت إلى 35 عاماً بين الذين تتراوح أعمارهم بين (45-69 سنة)، وبالإضافة لذلك كان متوسط العمر الذي بدأ فيه الرجال التدخين أصغر بكثير من النساء حيث بلغ 17 عاماً للرجال و24 عاما بين النساء، وأشار 34.7% من المدخنين إلى أنهم قد بدأوا التدخين قبل سن 16 سنة.
- تحدي يهدد الصحة العامة -
وبينت ورقة سياسات "اقتصاديات التدخين في الأردن" الصادرة عن المنتدى الاقتصادي الأردني عام 2024، أن مستوردات الأردن من السجائر الإلكترونية بلغت عام 2022 نحو (1.4 مليون دينار) بحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة.
وأشارت إلى أن استخدام التبغ والسجائر الإلكترونية يسبب الأمراض غير المعدية الرئيسية ذات الخطورة المرتفعة على المجتمع الأردني، وتشكّل هذه الآفة تحدياً يهدد الصحة العامة في البلاد، حيث إن التدخين يُسبب سنوياً وفاة أكثر من (9,000) فرد أردني، ونسبة (56%) من هذه الوفيات هي حالات وفاة مبكرة تصيب أفراداً دون سن السبعين عاماً بحسب تقديرات وزارة الصحة.
وأضافت الورقة أنه على الرغم من أن صناعة التبغ تساهم في الاقتصادات الوطنية، إلا أنه وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة ووزارة المالية لعام 2015 تبين أن حجم النشاط الاقتصادي الناتج عن صناعة التبغ في الأردن يبلغ نحو نصف إجمالي العبء الاقتصادي الذي يفرضه التدخين على الأردنيين، حيث تولد صناعة التبغ نحو (889) مليون دينار أردني من النشاط الاقتصادي كل عام بما في ذلك المدفوعات المباشرة من الصناعة مقابل تصاريح العمل والتراخيص، ومدفوعات مقابل المدخلات والخدمات والمدفوعات لموظفي الصناعة وضريبة الدخل وإيرادات الضرائب الحكومية.
وتبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية السنوية للأردن من المستويات الحالية لتعاطي التبغ (1.6) مليار دينار أردني، أي ما يعادل (6%) من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، مقارنة مع (1.8%) متوسط إجمالي التكلفة العالمية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي العالمي وبإجمالي (1.85) تريليون دولار.
وأفاد تقرير بعنوان"مؤشر التبغ العالمي 2021: أين يقف الأردن في معركته نحو مكافحة الوباء المسرطن؟" الصادر عن منتدى الاستراتيجيات الأردني، أن الخسائر الاقتصادية السنوية الناتجة عن الوفيات المبكرة بسبب استهلاك التبغ بلغت نحو 399 مليون دينار أردني، كما أن نحو 204.4 مليون دينار من نفقات الرعاية الصحية سببها التدخين.
ويعد التدخين أكبر عامل خطر للإصابة بسرطان الرئة، ويعتبر سرطان الرئة السبب لأكثر شيوعا للوفاة بالسرطان في الأردن حيث كان أكثر أسباب الوفاة بسبب السرطان شيوعاً عند الذكور كانت أورام الرئة بنسبة (27.8%).
وتقر الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ والتدخين بكافة أشكاله في الأردن للأعوام (2024-2030) بأن الاتجاهات الحالية لتعاطي التبغ في الأردن وحول العالم، لا تتوافق مع التنمية المستدامة، فمن خلال هدف التنمية المستدامة رقم (3.4) المرتبط بالصحة تلزم أجندة 2030 الدول الأعضاء بتحقيق تخفيض في الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية (أي الوفيات بين 35 و 69 سنة) بمقدار الثلث بحلول عام 2030.
ويستلزم التعجيل بإحراز تقدم في مكافحة الأمراض غير السارية التنفيذ الفعال للاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ والهدف (3-أ) من أهداف التنمية المستدامة. إن مكافحة التبغ ليست مجرد وسيلة أساسية لتحسين صحة السكان، ولكنها أيضا طريقة فعالة للحد من الفقر وعدم المساواة (الهدفان 1 و 10 من أهداف التنمية المستدامة على التوالي)، وتنمية الاقتصاد (الهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة)، وتناول القضايا البيئية الهدفان (13 و 15 من أهداف التنمية المستدامة)، والنهوض بالتنمية المستدامة.
وأوضحت الاستراتيجية أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض يرتبط ارتباطاً كبيراً بارتفاع معدل انتشار تدخين السجائر في الأردن، وتبين الدراسات الشاملة لعدة قطاعات لمدخني التبغ المستخلصة من الدراسات الاستقصائية لدخل الأسر المعيشية أن خمسي الدخل الأدنى من السكان الأردنيين هم تقريباً الأكثر عرضة لتدخين السجائر مقارنة بالخُمس الأعلى دخلاً، وأن أفقر المدخنين ينفقون على السجائر 25 مرة أكثر مما ينفقون على الصحة، و10 مرات على السجائر أكثر مما ينفقون على التعليم، و1.5 مرة على السجائر أكثر مما ينفقون على الطعام.
ومن المحتمل أن تكون زيادة ضرائب التبغ المفروضة لزيادة أسعار منتجات التبغ أقوى استراتيجية للحد السريع من تعاطي التبغ، لاسيما بين الفقراء والشباب. ويبلغ متوسط الإنفاق الشهري على السجائر المصنعة 60.3 دينار أردني. وهو أكثر من 23% من الحد الأدنى للأجر الشهري الإلزامي قانوناً في الأردن".
مع الأخذ بعين الاعتبار متوسط الإنفاق السنوي للأسر الأردنية على مجموعات السلع والخدمات حسب المحافظات، هناك بعض المحافظات في الأردن يتجاوز إنفاق الأسر على منتجات التبغ والسجائر إنفاقها على مجموعة اللحوم والدواجن كما في البلقاء والزرقاء والمفرق، وهذا يشير إلى مدى الاعتماد على شراء منتجات التبغ في تلك المناطق مقارنة باللحوم والدواجن كجزء من نمط الإنفاق في تلك الأسر.