السؤال «المهم» الذي طرحه وأجاب عنه ولي العهد

بقلم عوني الداوود

مهم جدًّا كل ما جاء في المقابلة التلفزيونية التي أجراها وليّ العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني مع قناة العربية منذ أيام.. ولكن الأهم ألّا يتم قراءتها على أنها مقابلة مهمّة جدًّا وحسب، بل المطلوب تحليل كل كلمة نطق بها سمو الأمير.. وذلك ببساطة لأنها تمثّل رؤية وفكر ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية، وخارطة طريق المستقبل.

- سمو الأمير استمع إلى أسئلة الإعلامي طاهر بركة وأجاب عنها، لكنّ سؤالاً واحداً طرحه سمو ولي العهد وأجاب عنه، معتبراً - سموه - أنه السؤال «المهم» بالنسبة له اليوم وهو:

(كيف سيكون شكل الـ25 سنة القادمة؟) .. ليجيب سموه عن السؤال مباشرة محدّداً (أولوياته) للسنوات الـ25 القادمة على النحو الآتي:

1 - أن يكون الأردن أقوى.

2 - أن نعتمد على أنفسنا.

3 - أن يكون لدينا اكتفاء ذاتي.

4 - أن نقوم بتطوير تعليمنا.

5 - ..وصناعتنا.

6 - وأن نروّج للسياحة بشكل أفضل.

7 - وأن نزيد حجم الاستثمار.

8 - ..ونفتح أسواقاً جديدة.

* وحتى نحقق ذلك؟.. فإن ذلك يتطلب:  

- أن تكون لدينا في كل مرحلة «واقعية في التخطيط».

- أن تكون لدينا جميعاً «مرونة».

- أن نتوقع بأن تكون هناك أزمات بالمستقبل.. وأن نحضّر أنفسنا لها.

- ..وأن نكون مستعدّين لكل السيناريوهات.

 هذه الكلمات المباشرة والمحدّدة، تمثل رؤية (ولي العهد) لمستقبل الأردن بواقعية ووضوح، وبرنامج عمل فسّرته إجابات سموه عن باقي الأسئلة خلال المقابلة، يمكن أن نشير لبعضها بالنقاط التالية:

1 - قوة الأردن.. التي تحدّث سمو الأمير عنها تشمل: القوة السياسية ممثلة بمواقف الأردن الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وقوة الأردن قوة للقضية الفلسطينية.. قوة الأردن تتمثل بثقة العالم بشخص جلالة الملك عبدالله الثاني «بحكمته وحنكته وهدوئه في حل الأزمات».. قوة الأردن العسكرية في الذّود عن حمى الوطن ومواجهة الخطوب لأن «الأردن مستهدف»، ومن الأولويات «ألّا يتحول الأردن لساحة حرب إقليمية»..و»أولوياتنا بالنهاية حماية أمننا الوطني وسيادتنا واقتصادنا والناس».. قوة الأردن بتماسك جبهته الداخلية.. قوة الأردن «بالجيل الجديد المنضبط والمرتبط بأرضه، ولذلك فإن سمو ولي العهد يرى أنّ «إعادة خدمة العلم ضرورة».. قوة الأردن لأنه «دولة قانون».. قوة الأردن بعلاقات وطيدة مع الأشقاء وتحديداً المملكة العربية السعودية.. ومع الأصدقاء «فالأردن والعرب يريدون علاقات طيبة مع إيران».

2 - الاعتماد على الذات والاكتفاء الذاتي: يعني بالضرورة اقتصاداً متيناً، وهو «الأولوية»، وأن «الحل الجذري لمشاكلنا هو الاقتصاد»..لكنّ الاعتماد على الذات والاكتفاء الذاتي يعني أيضاً: تطوير التعليم والصناعة والترويج للسياحة وزيادة حجم الاستثمار وفتح أسواق جديدة.. الاكتفاء الذاتي يعني صناعات غذائية وزراعية، ومزيداً من التحوّط يحقق لنا أمناً غذائياً.. ويعني صناعات دوائية وصولاً للأمن الدوائي.. واستثمارات في الطاقة تحقق لنا أمن الطاقة.. وهكذا.  

3 - تطوير التعليم: يعني ربط مخرجاته بسوق العمل، ويعني تحسين التعليم المهني في المدارس ومزيداً من الاهتمام بالتكنولوجيا والرقمنة لأن لدينا نجاحات فيها وكوادر بشرية مؤهلة.

*تفاصيل أولويات المرحلة واضحة وجليّة، وتشكّل رؤية وخارطة طريق رسمها سمو الأمير بكل وضوح، أظهر من خلالها جوهر رؤى الإصلاح الثلاث: السياسية والاقتصادية والإدارية.. وأضاف إليها رؤيته الخاصة على مدى ربع قرن قادم.. مع ضرورة الإشارة لأمور يرى سموه أنها لا تزال بحاجة لمزيد من العمل.. ومنها:

1 - سمو الأمير ليس راضياً عن الوضع الاقتصادي 100 بالمئة.. ويرى أن هناك فرصاً أكبر يجب أن نستثمرها.

2 - لدينا نسبة بطالة كبيرة بين الشباب.. بالمقابل نسبة قليلة يدرسون تخصصات مهنية.

3 - مطلوب ترويج السياحة بشكل أفضل.. فالأردن»متحف»، ولدينا 100 ألف موقع أثري «يجب العمل عليها بشكل أكبر».. وحجم الاستثمار بالقطاع ليس بالمستوى المطلوب.. «نريد أن نسير عشر خطوات».

4 - قادرون وجاهزون للتكامل مع جيراننا في المنطقة وتوسيع أسواقنا، لكن يجب أن يكون العمل مؤسسياً.

5 - يجب تطوير البيئة الاستثمارية والعمل على قطاع عام يخدم المواطن والمستثمر.

6 - يجب تأهيل الكوادر لزيادة الإنتاجية (هناك مؤسسات إذا تغيّب 50% من الموظفين فيها عن العمل لن يكون هناك أي تأثير).
7 - «المسؤولية بالقرارات والكفاءة هي التي نطمح أن نراها في القطاع العام».

 - وأخيراً.. سموه يؤمن بأن التكامل العربي العملي المبني على تعاون حول قضايا وأهداف مشتركة له منافع أمنية واقتصادية وسياسية على المنطقة، أمّا الوحدة بالجغرافيا وبالقرار فهي فكرة «رومانسية».

*باختصار: كل هذا الحديث لسمو ولي العهد يشكّل خارطة طريق المستقبل للسنوات الـ25 القادمة بكل وضوح، والمهم عند سموه أن «يرى إنجازاً على الأرض»، والمهم أيضاً «عدم إضاعة الفرص».. فسموه لن يتجاوز «تكرار الخطأ».. لأن الناس «يستحقون منّا الأفضل».