لماذا ركب رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور على «الفرس»؟
لا تزال ذكريات «ام المدارس» مدرسة السلط الثانوية محفورة بذاكرة خريجيها رجالات الوطن يتغنون بها ويستمتعون بلذة الحديث عن أدق التفاصيل خلال حقبة زمنية دخلت التاريخ ونقشت بقلوب المثقفين والأدباء والشعراء والكتاب والمؤرخين قبل أن يسطروها بأقلامهم.
والمتتبع لتاريخ مدرسة السلط والتي إفتتحها الملك عبد الله الأول عام 1923، وخرجت (7) رؤساء وزراء وما يقارب من (70) وزيرا، ومراحل تطورها يرى «قيمة المدرسة» ما جعلها مبعثا للفخر والإعتزاز.
وتشكل ذكريات مدرسة السلط فخرا وإعتزازاً لدى رئيس الوزراء السابق العين الدكتورعبد الله النسور، رغم كافة الظروف الصعبة التي كان يعيشها المواطنون آنذاك فكان التعليم بمثابة الجهاد للوصول الى النجاح
والتقدم لصفوة من الطلبة والمعلمين.
ويروي النسور خلال حديث خاص مع ذكرياته في مدرسة السلط والتي التحق فيها عام 1946، حيث كان الوضع الاقتصادي صعبا جداً، وكانت فلسطين تنزف اقتصادياً حالنا حال العديد من الدول التي تأثرت بالاحداث العالمية والاقليمية في تلك الفترة.
ويستذكر النسور حادثة عندما اصطحبه والده على «الفرس» وعند وصوله الى المدرسة شعر بخوف من الدخول للمدرسة ولكن سرعان ما اختفى الخوف عندما رأى مدير المدرسة الاستاذ حسني فريز يستقبل والده بحفاوة ليتبدل الخوف إلى حماس.
ويتابع: «كنت اصغي جيداً للحديث الذي دار بين والدي ومدير المدرسة، عندما أخبره بعدم وجود متّسع ويعتذر عن استقبالي بالمدرسة ومن ثم اخذ يختبرني لتقييمي، وهنا بدأت رحلة التعليم والتفوق، وبدأ يتصفح بمناهج الصف الاول والثاني والثالت الابتدائي وكان يشير لبعض الكلمات ويطلب مني قراءتها، ما جعله ينعتني بالذكي جداً واوعز على الفور بإلتحاقي بالصف الثالث رغم انني لم اتجاوز حينها الـ6 سنوات».
ويقول: «ذهبت مع مساعد المدير للصف الثالث حيث اعتذر الاستاذ عن قبولي لعدم وجود متّسع ومن ثم ذهبنا للصف الثاني وكانت نفس الاجابة، ثم رجعنا لمدير المدرسة واصّر ان التحق بالصف الثاني ثم دخلت لأرى الاستاذ (مصري الجنسية) الذي وصفني بـ(الذكي) مما اعطاني دفعة قوية للثبات والاستمرار».
ويتحدث النسور عن الصعوبات التي كانوا يواجهونها عند الذهاب للمدرسة حيث الطريق غير ممهد وطويل، اذ كان يقطع مسافات من منطقة «العيزرية» للمدرسة لحضور 4 حصص ومن ثم العودة للغداء والرجوع للمدرسة لحضور حصّتين دون ملل.
كما استذكر الاسماء التي كانت تطلق على المدرسة مثل مدرسة «تجهيز السلط» و«الحربي»، حيث كان يتم اختيار المعلمين حسب الكفاءة ومن لم يثبت جدارته يتم الاستغناء عنه سواء ان كان معلما او طالبا وصولاً لنخبة من خريجي هذا الصرح.
كما استذكر اسماء معلميه واساتذته ومدرائه الذين تتلمذ وتعلم على أيديهم وعلموه الوطنية على حد تعبيره ومنهم «احمد سلامه كلوب وجريس القسوس وسيف الدين الكيلاني ومنصور الداوود وجميل شاكر وحسن البرقاوي وحكمت الساكت وعبد الرحيم مرعب وعبد الرؤوف اللبدي وشوكت تفاحه وحسني فريز وسعد احمد حمدي».
وفي معرض رده على استفسار $، حول «لماذا لم تستعد المدارس الحكومية ألقها خلال حكومته»، فأجاب ان مدرسة السلط كانت إنتقائية والتعليم اليوم عمومي للكافة، فانتقلنا من التعليم للبعض الى التعليم للكافة، في وقت لم يكن المعلم مهيئاً حيث أصبح تعيين المعلمين دون تدريب بالمقابل كان اختيار المعلمين سابقاً تحكمه الكفاءة والخبرة فنحن تتلمذنا على يد اساتذة علمونا الوطنية حتى ان قصر الامير عبدالله بن الحسين كان يتدخل باختيار معلمي المدرسة لضمان جلب نخبة من المفكرين والاساتذة والعلماء حتى ان وصل الأمر لاستدعاء المعلم وبصفة شخصية وكان اكثرهم من مصر والبعض من سوريا ولبنان.
وحول اهم ما يميز مدرسة السلط، قال النسور ان «الحياة الحزبية كانت عنواناً للمرحلة واوجدت اجيالاً واعية ومثقفة وعلى دراية وعلم ما جعلها تنفرد عن مثيلاتها ما يبرز قيمة المدرسة من حيث وحدانيتها واساتذتها وخريجيها».
واضاف: «كان الطلاب حزبيين ينتمون لـ 3 احزاب (الاخوان المسلمين) وعددهم كبير، و(البعثيين) وحزب (التحرير) حيث كانت تعقد حلقات نقاشية ومناظرات بين الطلاب يتخللها تبادل للأفكار والآراء»
الرأي