الوزير عديم الكفاءة
بقلم إسماعيل الشريف
إذا شئت أن تقتاس أمر قبيلة وأحلامها، فانظر إلى من يقودها- عمرو الطائي
في 20 أيار عام 1973 في مزرعة في أحد ضواحي باريس قابل الثعلب كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي حافظ إسماعيل مدير المخابرات المصري، وطلب كيسنجر من حافظ أن يتمشيا وحدهما، وظهرت بعدها صورة لحافظ جالسًا وحده يضع يديه على وجهه ويبكي، وكان سبب بكاء حافظ أن كيسنجر أخبره لتحقيق السلام على المصريين اختلاق أزمة وأن دماء كثيرة يجب أن تسال وأن الولايات المتحدة لا تتحرك إلا بإدارة الأزمات، وبعدها بخمسة شهور دخلت مصر في حرب العبور العظيمة!
كانت آنذاك الولايات المتحدة في قمة قوتها، فوزير خارجيتها كيسنجر!
وزير الخارجية في الولايات المتحدة هو أهم منصب، فهو مندوبها ويمثل المخابرات والجيش وناسا وينسق بينهم جميعا، وهو مندوب المبيعات الأول للاستعمار الجديد القائم على التجارة الحرة، ويستخدم القوة لتحقيق ذلك.
منذ أن اعتلى وزير الخارجية الأمريكي بلينكن المنصة بعد أقل من أسبوع من عملية طوفان الأقصى وقال أمام نتن ياهو متذللًا أتيت كيهودي إلى « إسرائيل»، علمت أننا أمام موظف صغير في وزارة الخارجية يحمل لقب وزير، وترسخ لدي أنه ضعيف من منظره المتكرر حين يلتقي بنتن ياهو الذي يجلسه في جميع لقاءاتهما الثنائية على كرسي غير مريح أخفض من كرسيه بحيث يظهر بشكل واضح لمن الغلبة ومن هو الأستاذ ومن هو التلميذ!
وكانت الطامة الكبرى حين اجتمع بلينكن مع رؤساء الجاليات العربية في الولايات المتحدة يوم الجمعة 17 أيار الماضي، وسرّب أحد الحضور ما دار في الاجتماع من تهديد بلينكن بأنه إذا ما تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية فإن الولايات ستسحب تمويلها من الأمم المتحدة وجميع المنظمات التابعة، وتوعّد بأن ذلك سيتسبب في مجاعة عالمية.
يهدد بلينكن الأمريكان من أصول عربية بأن مجاعة قادمة إذا ما تم إنشاء دولة فلسطينية ويقول إن ثمن الدولة الفلسطينية سيؤثر على حياة المليارات من البشر!
هذا كلام يخلو من أية دبلوماسية، هذا كلام يصدر عن مجنون، ولفظاعة القصة وخلوها من المنطق قد تقول بأنني اختلقتها، وقد وضعت في نهاية المقالة رابط القصة.
في الولايات المتحدة يوجد قانون يسمى نوب Nope أي لا في اللهجة الشعبية وهي اختصار No Official Palestinian Entry أي يحظر دخول المسؤولين الفلسطينيين. تم إقرار هذا القانون في عام 1995، ومفاده وقف تمويل الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها إذا حصلت فلسطين على أي وضع في الأمم المتحدة.
في عام 2011 منحت اليونسكو صفة العضوية الكاملة لفلسطين، فقامت الولايات المتحدة بوقف تمويلها لليونسكو، فتأثرت ميزانية اليونسكو بحوالي 22% وتأثر عملها إلى حد الشلل.
وبسبب ذلك فقدت الولايات المتحدة حقها في التصويت في العام 2017 فقرر ترامب الانسحاب من اليونسكو.
وفي العام 2023 رجعت الولايات المتحدة خانعة إلى اليونسكو ودفعوا جميع الاشتراكات المتأخرة البالغة 600 مليون دولار للتقليل من نفوذ الصين الذي زاد في اليونسكو بعد انسحاب الولايات المتحدة.
أتمنى أن يصدق بلينكن وينفذ تهديده ويوقف دعمه للأمم المتحدة، ستتحرك الصين فورًا وستكون فرصة ذهبية لها لسد الفراغ، ففي السياسة دائمًا من ينتظر أن يخلو له الميدان.
ستأخذ الصين الأمم المتحدة على طبق من ذهب وستشكر بلينكن على هذه الفرصة، وستثبت الولايات المتحدة للعالم أنها أخطر تهديد للسلم العالمي، وستفقد الكثير من نفوذها وسيتراجع دورها بوتيرة أسرع كثيرًا من الآن.
علق أحد السياسيين المخضرمين قائلًا: إذا فعّلت الولايات المتحدة قانون نوب سينتقل مقر الأمم المتحدة إلى بكين!
من الواضح أنه منذ طوفان الأقصى يرتكب بايدن وبلينكن ورفاقهم عملية انتحار بطيئة مؤلمة، كل ذلك من أجل عيون الصهيونية، فليكن!