أبو خضير يكتب ؛ كلمات ولي العهد تجسد أمل الأردنيين
عبدالله وجيه ابو خضير
يشرفني ويزيدني فخراً أن أكتب حول المقابلة الراقية التي أجراها سمو ولي العهد الأردني مع قناة العربية؛ فكلمات سموه تفيض بالحكمة والرؤية المستقبلية، وتعكس بوضوح القدرات القيادية الاستثنائية التي يتمتع بها.
تحدث سمو الأمير بصدق ووضوح عن التحديات التي واجهتها الأردن خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، متناولاً أموراً شملت الربيع العربي، الحروب على الحدود، جائحة كورونا، الإرهاب والأزمات الاقتصادية، وعن قدرة الأردن على تخطي هذه التحديات بنجاح يعود إلى وعي شعبها، وقوة مؤسساتها، وقيادتها الرشيدة التي تتميز بالاتزان وعدم الانجرار خلف الانفعالات.
أكد سمو الأمير على نقطة جوهرية مفادها أن الأردن، بفضل علاقاته المتينة مع قادة العالم المبنية على أساس الاحترام المتبادل، استطاع أن يحافظ على مكانته وصوته المسموع في المجتمع الدولي، رغم الظروف القاسية.
بنظرة استشرافية، ركز سمو الأمير على أهمية الاستعداد للسنوات الخمس والعشرين القادمة، مشدداً على ضرورة تطوير التعليم والصناعة والسياحة وزيادة حجم الاستثمار، بتفكير استراتيجي يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس. كما أشاد سموه بشخصية جلالة الملك عبد الله الثاني، موضحاً أن صدقه ووضوحه هما ما يجعله محبوبا ومحل ثقة على الصعيدين المحلي والدولي، وهي صفات نادرة في عالم السياسة اليوم.
لم يغفل سمو الأمير عن تناول الأحداث الإقليمية الحالية، معبراً عن الغضب والألم جراء ما يحدث في غزة، مؤكداً على أن الأردن يخوض معركة دبلوماسية وسياسية لدعم الشعب الفلسطيني، ومضيفاً أن المملكة ستظل ثابتة في مواقفها ومساعداتها رغم كل التحديات.
كما تطرق سموه إلى محاولات تهميش القضية الفلسطينية من قبل الحكومة الإسرائيلية، موضحاً أن السلام الحقيقي يأتي من تحقيق العدالة للفلسطينيين، وأن العلاقات الطبيعية لن تتحقق إلا بعد تلبية حقوق الشعب الفلسطيني.
أما فيما يتعلق بموضوع تهريب المخدرات والأسلحة عبر الحدود مع سوريا، فقد أكد سمو الأمير أن الأردن مستهدف بعمليات منظمة تسعى لزعزعة استقراره، وأوضح أن الأردن سيتصدى بحزم لأي تعدٍ على سيادته.
وفيما يتعلق بالتقارب الأخير بين إيران وبعض الدول العربية، شدد سموه على أن الأردن يطمح إلى تهدئة التوترات في المنطقة، مؤكداً على أهمية العلاقات الصحية المبنية على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
أوضح سمو الأمير أن الحل الأمثل لقضية اللاجئين يكمن في عودتهم إلى وطنهم، مؤكداً على أن الأردن، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، لم يتوان عن تقديم المساعدة لأشقائه السوريين. وشدد سموه على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الأزمة السورية، حيث لم يتلق الأردن سوى 29% من متطلبات الاستجابة لهذه الأزمة في العام الماضي.
أكد سمو الأمير على أهمية التكامل العربي العملي المبني على التعاون حول قضايا معينة وأهداف مشتركة، مشيراً إلى الفوائد الأمنية والاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تنجم عن هذا التعاون. كما أشار إلى العلاقات المتميزة مع المملكة العربية السعودية، مؤكداً التعاون الوثيق مع سمو الأمير محمد بن سلمان ورؤية 2030 الطموحة التي يقودها.
شدّد سمو الأمير على أهمية التعليم المهني والتقني في توفير فرص عمل للشباب الأردني، مبيناً الجهود المبذولة لتحسين هذا القطاع من خلال اعتماد برامج دولية وتطوير مراكز التدريب. وأشاد بجامعة الحسين التقنية بوصفها مثالاً ناجحاً في تحقيق الأهداف الطموحة في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالتكنولوجيا، أشار سموه إلى النجاحات التي حققها الأردن في هذا القطاع بفضل الرؤية بعيدة المدى لجلالة الملك، مؤكداً أن الأردن مكان مثالي لتأسيس الشركات التقنية والدعم الفني بفضل الكوادر البشرية المؤهلة والبنية التحتية الرقمية المتقدمة.
أبدى سمو الأمير شغفاً كبيراً بالقطاع السياحي، معتبراً أن السياحة تمثل نفط الأردن المستقبلي. وأكد على ضرورة العمل لوضع الأردن على خارطة السياحة العالمية، مستشهداً بالمواقع الأثرية المسجلة في قائمة اليونسكو ومناخ الأردن الجميل وشعبه المضياف. وأعرب عن تفاؤله بأن الاستثمار في القطاع السياحي سيحقق نتائج إيجابية كبيرة.
كشف سمو الأمير عن كيفية تعامله مع الغضب، مشدداً على أهمية الإنجاز وتحمل المسؤولية وعدم إضاعة الفرص. وأوضح أن قراراته تستند إلى الكفاءة والقدرة على التنفيذ لا الوعود الجوفاء. كما أشار إلى أهمية الحوار السياسي المبني على قضايا وبرامج عمل محددة.
أعرب سمو الأمير عن سعادته بانتظار مولوده القادم، منوهاً بأهمية الأسرة والدعم العائلي الذي تلقاه من والديه جلالة الملك وجلالة الملكة. وأكد على التزامه بتوفير بيئة عائلية دافئة وصحية لأبنائه، مستلهماً من التجارب والذكريات العائلية التي عاشها.
تُظهر هذه المقابلة بجلاء أن الأردن، بفضل قيادته الحكيمة، ماضٍ بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً، متجاوزاً كل الصعاب بروح من التفاؤل والإصرار على بناء دولة قوية تعتمد على نفسها؛ فكلمات سمو الأمير تجسد أمل الأردنيين في مستقبل واعد، وتعزز مكانة الأردن واحة استقرار في منطقة مضطربة.