انقلاب غانتس والدولة العميقة

بقلم إسماعيل الشريف

«نتنياهو عقبة كبيرة أمام السلام، وانتخابات جديدة في ‹إسرائيل› هي الحل» – تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ.

الولايات المتحدة مشهورة بهندسة الانقلابات في العالم وتغيير الأنظمة التي لا ترغب فيها، وتاريخها يشهد على ذلك. قد تكون هذه الانقلابات بدعم جهة على حساب الأخرى، كما حدث في الانقلاب على رئيس وزراء إيران عام 1953 بعد أن أمم النفط، أو قد يكون بدعم العسكر للقيام بانقلابات على الأنظمة المنتخبة، وهنالك عشرات الأمثلة في أمريكا الجنوبية والمحيط الهادي. وقد يكون الانقلاب خشناً ودموياً كما في العراق أو ليبيا.

هذه المرة، طال الانقلاب حبيبتها «إسرائيل»، ولذلك فهو ناعم للغاية خططته الدولة العميقة الأمريكية بهدوء. هدفه حماية الكيان الصهيوني وجعل نتنياهو كبش فداء لهذه المرحلة والتخلص منه. عبّر عنه أحد عرابيه، تشاك شومر، حين قال «إسرائيل قد تنتهي بدون دعم أمريكي».

كان من الواضح قبل عدة أشهر أن الدولة العميقة قد اتخذت قراراً بتغيير نتنياهو، وتم تحضير غانتس، ليكون البديل. دعي إلى الولايات المتحدة وقام بزيارة علنية في شهر ديسمبر الماضي، قابل فيها كبار موظفي الدولة العميقة ورجال الأعمال واللوبيات الصهيونية. ثم قام بزيارات سرية لعدد من دول المنطقة. الهدف هو تحضيره ليكون الرئيس المستقبلي للكيان ويقبل بالحديث عن دولة فلسطينية ولو كذبا، فثمنها سيكون اتفاقية سلام مع المملكة العربية السعودية، التي أعلنت بأنها لن تقبل بثمن أقل من ذلك للتطبيع مع الصهاينة. اللعبة تغيرت، فهنالك تقارب مع إيران وعلاقات جيدة مع الصين، والكيان قد أثبت بأنه هش وضعيف، والولايات المتحدة تشهد تراجعاً. ولذلك، فقد أضافت المملكة العربية السعودية إلى قائمتها اتفاقية أمنية أمريكية لا تقل عن الاتفاق الأمني الأمريكي للصهاينة.

كانت النتيجة الطبيعية إعلان غانتس بأنه سيترك مجلس الحرب بحلول الثامن من يونيو ما لم يقدم نتنياهو خطة شاملة للحرب تتضمن:

1- تحرير الرهائن.

2- إسقاط حكم حماس وضم قطاع غزة للكيان والسيطرة عليه.

3- إنشاء إدارة أمريكية أوروبية عربية مدنية تدير القطاع، لا تشمل السلطة الفلسطينية أو حماس.

4- إعادة سكان غلاف غزة إلى منازلهم بحلول الأول من سبتمبر.

5- التطبيع الكامل مع السعودية كجزء شامل من الحل وإنشاء تحالف ضد إيران.

6- سن قانون يلزم جميع أطياف الكيان الصهيوني بالخدمة الإلزامية في الجيش وعلى رأسهم الحريديم.

رفض نتنياهو ذلك لأنه لا يقبل مجرد الحديث عن إنشاء دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية، فقد أعلن مراراً وتكراراً أن السلام يقابله السلام ولا شيء آخر.

وصلت الدولة العميقة إلى قناعة بأن نتنياهو أصبح يشكل خطراً على الكيان الصهيوني وعلى مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. فهو يعمل لأجل مصالحه الشخصية التي أصبحت تتضارب مع مصالح الكيان والولايات المتحدة، والمتطرفون هم الذين يديرون الدولة، وهذا أمر غير مقبول. فهو يسيء إلى صورة الكيان، ولن تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار بدعمه بنفس الزخم بعد أن تزداد الانتقادات الداخلية والدولية له.

ولكن تبين للولايات المتحدة أن غانتس لن يستطيع أن يكون البديل الجاهز لنتنياهو، الذي ما يزال أقوى شخص في الكيان يدعمه المتطرفون. وإذا ما وافق نتنياهو على خطة الولايات المتحدة، فإن تحالفه سينهار فوراً ولن يكون رئيس الوزراء القادم.
إذن هي رسالة الدولة العميقة له: تغير أو تنحى، وضغط عليه لإجراء انتخابات مبكرة.

سنرى قريباً مرحلة كسر العظم بين الطرفين.