الفن والانتخابات: الممكن في التأثير والتوجيه
رنا حداد
في ندوة نظمتها جريدة الدستور تنشر قريبا تحت عنوان «دور الفن والفنان في الحث على المشاركة في العملية الانتخابية»، كنا أكثر من سعداء بنجاح الرهان على وعي وثقافة الفنان الأردني بالدور المناط به مجتمعيا بكل ما يخص وطنه وناسه من قضايا، ومنها أهمية التأثير بالعاطفة الجماهيرية التي تولدت بالضرورة نتيجة القرب من الناس في تشكيل الرأي العام وتوجيه اتجاهات الناخبين من خلال مختلف الوسائط الفنية والثقافية التي تقدم.
الفن كان حاضرا في الحديث جنبا إلى جنب مع السياسة والثقافة النوعية للفنان، فكان الربط خلال الحديث عن تجذر القناعة بأن الناس ربما ملوا الكلام الكلاسيكي المدجج بالبرامج الرنانة السياسي منها وحتى الاقتصادي والاجتماعي، فباتت الحاجة إلى أداة «الفن» لنبتعد عن لغة الخطاب الخشبية، لصالح ارتجالات وأداء فني مدروس ومتقن يقدم بلغة المحبة التي اثبتت انها البيان الانتخابي الأكثر إقناعا في عالمنا اليوم.
النقاش الذي دار بحضور الهيئة المستقلة للإنتخاب، أكد الرأي الذي لا ريب فيه مطلقا بعلاقة الفن بالشأن العام، وما يتفرع عنه من المشاركة الانتخابية، كما أكد المنتدون أهمية نظرة الدولة للفن والفنانين، وضرورة التفات المرشح الوطني إلى الفن وأهله وإدراج هذه الفئة من المجتمع ضمن برامجه الانتخابية، فمن أقدر من الفنان على تقديم القيم الحضارية للمجتمع؟!.
لا نشكك ابدا بل ندعم الدور الكبير الذي يلعبه أهل الفن في جعل جمهورهم يشارك وينتخب؛ إذا يلعب هؤلاء من خلال سهولة دخولهم بيوت ووجدان الناس دورا وطنيا وليس سياسيا في الحث على المشاركة والاختيار الصحيح.
تجارب سياسية عدة أكدت أن الناس تقبل ومن باب «المغامرة» أحيانا لكسر الرتابة في عملية الاختيار، فكان انتخاب شخصيات فنية قادة ونواب وغيرهما.
ذات الحديث ينطبق على الاستعانة بلغة الفن الراقية المدروسة المعبرة والقادمة من حياة الناس لكسر رتابة شعارات وايدولوجيات الخطاب الموجه للناس التي تعتبر الفنان الشبيه الشرعي لها.
لنلتفت لهذه الأهمية لدور الفن والفنان، بل لندعمها و نستفيد من نتاج خبرات قدمت على الشاشات والمسارح وخاطبت وجدان الناس وتركت اثرا لأنها خاطبت هموم الناس وأدق تفاصيلها اليومية، فالمراقب يتأكد من قدرة الفنان على توجيه الرسالة «الجامدة» بشكل إبداعي من خلال عمل فني يحمل رسائل سياسية بطريقة مبتكرة وجذابة. وله في ذلك طرق ليس اقلها عن استخدام الرموز المجتمعية والفكاهة، ليجعل الرسالة أكثر قابلية للفهم والتفاعل من قبل الناخبين.
دعونا في هذه الفترة الحيوية من حياة دولتنا الأردنية الديمقراطية ان نميل لنصرة الفن ونؤمن انه وسيلة تعبيرية قوية لنقل المشاعر والأفكار والقضايا بطرق مبتكرة وجذابة. وفي سياق الانتخابات تحديدا، يمكن أن يلعب الفن دورًا مهمًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه اتجاهات الناخبين بما يصب في نهضة العملية الديمقراطية التي نريد.