المملكة والسلطنة.. بين زيارتين
بقلم عوني الداوود
ما بين زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى سلطنة عمان 2022 وزيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق الى الأردن اليوم 2024، تطورات كبيرة، وتقدم ملموس وتحديدا في العلاقات الاقتصادية.
فأبرز نتائج الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني الى سلطنة عمان في اكتوبر/ تشرين الاول 2022، ولقائه أخاه جلالة السلطان هيثم بن طارق، كانت توجيهات واضحة وجلية من القائدين لزيادة التعاون المشترك، وتحديدا في التعاون الاقتصادي والاستثماري.. وبناء عليه فقد تم تشكيل فريق عمل أردني عُماني مشترك لمناقشة وبحث فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي بين البلدين.. ومنذ ذلك الحين شهد البلدان زيارات متبادلة لوفود اقتصادية.. ومنها:
1 -زيارة وفد من جهاز الاستثمار العُماني للمملكة، والاتفاق على خطة عمل مشتركة لتعزيز التعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والزراعية والدوائية والتعدينية والاتصالات.
2 - زيارة وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني ورئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان ووفد اقتصادي للمملكة في فبراير/ شباط الماضي، جرى خلالها التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار الأردنية ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في مجال جذب الاستثمار المباشر، ومذكرة تفاهم بين غرفة تجارة الأردن وغرفة تجارة وصناعة عُمان في مجال الترويج ودعم التجارة الخارجية.
3 - انعقدت في عمّان يوليو الماضي اجتماعات اللجنة المشتركة في دورتها الحادية عشرة برئاسة وزيري خارجية البلدين وتم التوقيع على خمس مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية في مجالات: (المدن الصناعية - والتعاون التربوي -والشبابي -وحماية المستهلك -والبيئة).
4 - في المقابل شهدت السلطنة زيارات:
-وفد اقتصادي وتجاري أردني بتنظيم من المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية.
-وفد من غرفة صناعة عمّان.
-توقع انعقاد اجتماعات الدورة الثانية عشرة للجنة المشتركة في مسقط في أقرب فرصة ممكنة.
لذلك، فإنه وعلى الرغم من أن العلاقات الأردنية العمانية علاقات تاريخية راسخة، أرسى دعائمها جلالة الملك الحسين بن طلال وأخيه السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراهما -.. فكانت المملكة الاردنية الهاشمية وسلطنة عمان- ولا تزالان -السند والعون لبعضهما، تربطهما علاقات الدين واللغة والعادات والتقاليد والثقافة والمواقف المشتركة، خصوصا على صعيد قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي كانت ولا تزال تمثل القضية المركزية الاولى عند كلا البلدين الشقيقين..رغم هذه العلاقات والتفاهمات السياسية والروابط التاريخية، الا أن هذه العلاقة كانت أكثر تطورا وتسارعا مؤخرا في الجانب الاقتصادي والاستثماري، تشهد به الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية..تدعمها ارادة سياسية عليا، وتوجيه من قيادتي البلدين جلالة الملك عبدالله الثاني وأخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق -الذي تولى مقاليد الحكم في العام 2020 - للحكومات بضرورة تطوير العلاقات المشتركة لما يرتقي الى طموحات القيادتين وتطلعات الشعبين، ولذلك بتنا نشهد عملا دؤوبا مشتركا وجهودا حكومية تبذل من كلا البلدين من أجل:
1 -زيادة حجم التبادل التجاري (الذي ارتفع بنسبة 21.7 % في عام 2023 بالمقارنة مع عام 2022).
2 - تعزيز التعاون الاقتصادي.
3 - إزالة أية معوقات أمام رجال الأعمال والقطاع الخاص.
4 - الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في البلدين.
5 - إيجاد مشاريع تنموية في القطاعات المهمة التي تشكل قيمة مضافة لاقتصاد البلدين.
6 - ضرورة استغلال الفرص لتعزيز العلاقات التجارية.
7 - توسعة آفاق التعاون المشترك بين البلدين في كافة القطاعات وخاصة الاقتصادية منها.
الأردن أطلق رؤية التحديث الاقتصادي 2033، وسلطنة عمان لديها رؤية عمان 2040، و كلا الرؤيتين تهدفان لزيادة معدلات النمو وخلق الوظائف من خلال اطلاق الامكانات، والطريقة الفضلى والمثلى لتحقيق أهداف الرؤيتين الاستثمارات المشتركة، وهناك فرص كبيرة بين البلدين من خلال مشاريع مشتركة على الصعيد الرسمي والقطاع الخاص.
باختصار: فإن زيارة الدولة التي يقوم بها اليوم جلالة السلطان هيثم بن طارق للمملكة بدعوة من أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني، تأتي في وقت أحوج ما نكون فيه الى مثل هذه اللقاءات التي توطّد العلاقات العربية المشتركة في مواجهة تحديات الاقليم، وفي مقدمتها العدوان على غزّة، خصوصا وأن المملكة والسلطنة ركيزتا أمن واستقرارفي المنطقة.
كما تأتي الزيارة في وقت أحوج ما نكون فيه الى توطيد العلاقات الاقتصادية التي تزيد البلدين منعة وقوة، وتترجم العلاقات التاريخية المتجذرة والمتميزة بين المملكة والسلطنة على مستوى القيادتين والشعبين الشقيقين.