شخصيات وخبراء يتحدثون عن ظاهرة "سماسرة" «المال الأسود» في الانتخابات
تبدو مقولة «المال الأسود» حاضرة في ذهنية كثير من الناس كلما كانت هناك تحضيرات للعملية الانتخابية النيابية.
الأردن على أبواب مرحلة جديدة لإنتاج مجلس النواب العشرين والمحدد له العاشر من أيلول المقبل، والحديث بدأ مبكراً عن «الرشوة الانتخابية» بحسب تسمية الهيئة المستقلة للانتخاب.
مدى تأثير هذه «الآفة» على تشويه صورة هذه التحضيرات، تناوله عضو مجلس مفوضي الهيئة د. رائد العدوان والصحافي أحمد جميل شاكر والناشط المهندس محمد عويد قبيلات، الذين اجمعوا على عدم تأثيرها، لاعتبارات كثيرة.
العدوان: الاستعجال بالحكم قضائياً يحد من المشكلة
بداية علينا أن نفرّق بين المال السياسي والرشوة الانتخابية، حيث يخلط الكثير بين المفهومين سيما ونحن امام تجربة سياسية حزبية جديدة من المتعارف عليها أن قوامها الاحزاب السياسية والتي تعتمد بشكل كبير على المال السياسي الذي يشكل القدرة التنافسية بين الحملات الانتخابية لها.
اما «الرشوة الانتخابية» والمتعارف عليها خلال الحملات الانتخابية وتتمثل بشراء أصوات الناخبين او حجبها او غيرها، من الأشكال المعتاد عليها اثناء الحملات والدعاية الانتخابية.
إن المتتبع لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لمس أن اللجنة قد عملت على وضع قواعد واحكام تعمل على محاربة «الرشوة الانتخابية» وتحديداً في مشروعي قانون الانتخاب وقانون الاحزاب واللذين اقرا عام ٢٠٢٢، إذ وضعا مجموعة من الأحكام التي نظمت اوجه المال السياسي المسموح به للأحزاب تلقيه وذلك في المادة (٢٤) من قانون الاحزاب
حيث حددت فيها الموارد المالية للحزب والتي من بينها الهبات والوصايا والتبرعات شريطة ان تكون من مصدر اردني سواء كان طبيعياً أو معنوياً، اضافة إلى آلية التبرع، وعليه يمكن ان يعتبر هذا الوصف لهذا التبرع او الوصية او الهبة انه مال سياسي يقدم للأحزاب أو لحملاتها الانتخابية.
اما في ما يتعلق بالرشوة الانتخابية فقد عالجت احكام المالية (٦٣) من قانون الانتخاب بأن جرمت كل فعل متصل بتقديم أو عرض مبلغ من المال أو المنفعة بشكل مباشر أو غير مباشر على ناخب أو آخر لحمله على الاقتراع أو امتناعه أو التأثير على الغير بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين، إضافة إلى حرمان المرشح الذي يدان بهذه الجريمة بالحرمان من حقه في الترشح في الدورة الحالية او التي تليها.
كما أن القانون كفل مجموعة من الأحكام التي تعزز مكافحة هذه الآفة وتحديداً في المادة (٦٧) والتي أعطت مثل هذه القضايا المحالة من قبل الهيئة صفة الاستعجال وأن يتم البت من قبل المحكمة المختصة بالقضايا المحالة اليها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورودها إلى قلم المحكمة.
مثلما هنالك تعليمات لمراقبة الدعاية الانتخابية والتي أصدرت الهيئة تعليمات تنفيذية تحدد الأسس والضوابط المتعلقة بها.
اضافة إلى دور الهيئة بمراقبة تمويل الحملات الانتخابية ومشروعيته ومطابقة الحد الأعلى للإنفاق من خلال لجنة، ومراقبة التزام القوائم الحزبية والمترشحين بقواعد التمويل خلال الدعاية الانتخابية وتعمل على التحقق ومراجعة ومراقبة النفقات ومطابقة الأنشطة ونفقاتها.
وتظل محاربة الرشوة الانتخابية مسؤولية مجتمعية سواء المؤسسات الرسمية والأهلية والأسرة أو المساجد والكنائس.
شاكر: المال لا يفرز نائباً حقيقيا
من خلال تجربتي الصحفية لمدة ٢٨ سنة في تغطية ومتابعة العملية الانتخابية لمجالس النواب، أستطيع القول أن "المال الأسود " لم يكن له تأثير في إنجاح مرشحين كما هو في الذهنية التي يفكر بها الناس أو الناخبون أنفسهم، ولأسباب:
أن عملية التصويت غير منظورة وتحكمها عوامل عديدة كحاجة الناس للخدمات والوظائف، والعلاقات الاجتماعية والمناطقية والعشائرية للناخبين وارتباطهم بمرشح دون آخر،والجانب الأخلاقي والمسلكي الديني للمجتمع، وأن أصحاب المال لم يشكلوا الأغلبية من المرشحين، حيث نجاح عدد منهم لا يعني أن جميعهم فاز بالمال.
ومن المؤكد أن من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي يبالغون في نشر هذه المشكلة.
وأعتقد أن الجهات المعنية ستكون أكثر شدة وصرامة في الرقابة سواء على من يروّج لهذا المال، إلى جانب ضرورة زيادة الوعي وبخاصة المناطق التي يقطنها فقراء، وكذلك تشديد الرقابة على من يعمل أو يحاول تقديم الرشوة.
هي ظاهرة تطفو على السطح كلما طلت الانتخابات النيابية علينا–على وجه التحديد- وتطل معها (التعاليل) بالحديث عن «المال الاسود» وسماسرته والمستفيدين منه وتفاصيله.
كما تختلط علينا المصطلحات، فلان دفع، بدلاً من فلان صاحب برنامج مقنع، وفلان ليس لديه مال بدلاً من فلان معه مؤازرون او لديه قاعدة انتخابية قوية.
مجرد الحديث بهذه التفاصيل، مثلب، والايمان بها متعب للمرشح والناخب على حد سواء، وحدوثها لا سمح الله، مقلق للوطن.
كثيرون هم الذين يقولون اكثر ما يقلقنا كمواطنين، التخوف من الترشح للانتخابات رغم التمتع بالكفاءة والقبول، بسبب غياب المورد المالي او عدم القدرة على مضاهاة المرشحين الآخرين مالياً.
في هذه المرة ننتظر من الاحزاب وقوائمها المرشحة، اضافة نوعية في العملية الانتخابية قبل الاضافة النوعية في المجلس القادم.
نسمع ونرى ممارسات (المال الأسود) عبر وسائل التواصل التي وسعت حيز الانتشار، وعلى الصعيد الشخصي
لم يُعرض عليّ من هذا القبيل.
ما أوّد تأكيده، أن «المال الأسود» ليس مضموناً من قبل الناخب للتصويت، إن عرض عليه المرشح أو أحد مناصريه في حملته، وإن تم هذا فسيكون على نطاق ضيق، وقد يخسر الطرفان نيابياً وأخلاقياً.
عبدالحافظ الهروط - الرأي