بعد «انتهاء» حرب الإبادة.. هل يستدير جيش العدو نحو »فِلسطينييّ الداخل»؟

بقلم محمد خروب

إستكمالاً لمقالة أمس/ الأربعاء نُضيء على ما تبقّى من الدراسة التي نشرها في توقيت «تنقصه البراءة», معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، وهو معهد أبحاث صهيوني يتبع جامعة تل أبيب، يختص بمجالات شؤون الأمن القومي, مثل الجيش والشؤون الاستراتيجية والصراع مُنخفض الحِدة، والتوازن العسكري في الشرق الأوسط والحرب الإلكترونية, ويرأسه الجنرال المتقاعد/عاموس يدلين. نشرَ الإثنين الماضي دراسة لافتة مُثقلة بالإيحاءات وتفوح منها رائحة التحريض, في منشوراته الخاصة, تحت عنوان «المُجتمع العربي في إسرائيل بعد سبعة أشهر من الحرب: بين ضبط النفس والإحتجاج", قام بإعدادها «افرايم ليفي ومئيرإلران وتومربادلون».

وإذ أضأنا يوم أمس على «ثلاثة» بنود (من بنود الدراسة «السبعة"), كانت عناوينها على النحو التالي:

** أولاً: الإشارة إلى الضحايا والدمار والكارثة الإنسانية في قطاع غزة.

** ثانياً: شعور مُتزايد بالاغتراب تجاه الدولة والأغلبية اليهودية.

** ثالثاً: الإضرار بالشعور بالأمن الشخصي.

فإن ما لفت إليه الباحثون الثلاثة في شأن علاقة «الأقليّة» الفلسطينية في الداخل الفلسطيني مع «الأغلبية اليهودية", تدعو لقراءة ما تستبطنه من خُبث ورغبة دفينة مُتأصلة, في نفوس قادة وجمهور الدولة العنصرية الإستعمارية الإستيطانية, عندما يقولون في مقدمة دراستهم: (بعد مرور سبعة أشهر على هجوم حركة حماس واندلاع الحرب في قطاع غزة, واستمرار التوترات الأمنية على مختلف الساحات، لا يزال «الهدوء» في العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل، بما في ذلك في المدن المعنية. وحتى الآن، لم تتحقّق المخاوف التي أُثيرت في الجهاز السياسي والأمني, من «اندلاع صراعات واسعة بين اليهود والعرب على خلفية الحرب»، بما في ذلك خلال شهر رمضان وعيد الفطر. ومن الناحية العملية–يُضيفون–فإن «أغلبية الجمهور العربي ترغب في مواصلة روتينها اليومي كأقلية متكاملة» في إسرائيل. «في حين تستمر في رفض حركة حماس ومسارها». لكن–يُتابعون–في واقع حالة الطوارئ المستمرة, «تظهر مَخاطر يمكن أن تضرّ باستقرار العلاقات بين العرب واليهود وتؤدي إلى تدهورها إلى حد الصدامات العنيفة».

عطفاً على ما تقدم نُضيء على البنود «الأربعة», التي تبقّت من البنود «السبعة", التي بنى عليها الباحثون الصهاينة دراستهم وهي:

** رابعاً: تفاقم الوضع الاقتصادي.

أضرّت الحرب بالرفاهية الاقتصادية للعرب في إسرائيل. وتشير المعطيات إلى أن الضرر في الوسط العربي أكبر منه في أي قطاع آخر. وبحسب تقرير بنك إسرائيل، «ارتفعت نسبة البطالة في هذا القطاع مع اندلاع الحرب»، خاصة بين الرجال. و"انخفضت نسبة توظيفهم خلال هذه الفترة بنسبة 27 في المئة مقارنة بـ 11 في المئة بين الرجال اليهود».

وحتى في بداية عام 2024، عندما سُجل انتعاش في سوق العمل، «سُجل انتعاش أبطأ بين الرجال العرب، حتى لو تمكن من الاقتراب من مستواه عشية الحرب». وارتفع معدل تشغيل الرجال العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و64 عاماً في بداية العام إلى 75.7 في المائة، وهو قريب من المستوى المُسجل عشية الحرب.

** خامسا: تفاقُم القيود المفروضة على حرية التعبير وتزايد الشعور بالاضطهاد.

في المجتمع العربي، هناك شعور بالاضطهاد من جانب الحكومة، بما في ذلك الآليات المنوطة بإنفاذ القانون. بالنسبة لها، «تثبت البلاد كل يوم أنها ليست ديمقراطية»، على الأقل ليس بالنسبة لها. يُنظر إلى «المراقبة الدقيقة التي تقوم بها وكالات إنفاذ القانون على المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة الشخصيات المُؤثرة، مثل البروفيسورة نادرة شلهوب كيفوركيان، على أنها تهدف إلى الحد من حرية التعبير والحرية الأكاديمية». هذا، بالإضافة إلى تقارير عن «الإقصاء الدائم للطلبة العرب من مؤسسات التعليم العالي، وإنهاء عمل العرب في مختلف قطاعات التوظيف».

** سادساً: الاستفزازات والمضايقات من قبل العناصر القومية المتطرفة – العرب واليهود.

من بين اليمين اليهودي المتطرف (هناك عناصر ذات موقف مُعادٍ للعرب بشكل واضح، حيث ترى المواطنين العرب كجزء من «العدو» الفلسطيني)، ويتم إضفاء الشرعية عليهم من قِبل كبار المسؤولين. وقد يأخذ هؤلاء القانون بأيديهم ويواجهون الجماعات العربية بدعوى حماية اليهود. إن التسلح الواسع النطاق، منذ بداية الحرب، قد يؤدي إلى تأجيج أعمال عنف خطيرة بين اليهود والعرب. ويتمثل دور الشرطة ووكالات إنفاذ القانون في كبح الجماعات المُتطرفة، بموجب القانون، ومنعها من الانجرار إلى أعمال شغب متبادلة.

** سابعاً: تأثير شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية الأجنبية على الحالة المزاجية.

في شبكات التواصل الاجتماعي في المجتمع العربي، يبدو التركيز واضحاً على الألم والتعاطف تجاه سكان قطاع غزة. واتسم الخطاب بالغضب من الإجراء الإسرائيلي، وفهم مسار «المقاومة» كوسيلة للتحرر من الاحتلال. وعبر شبكات التواصل يتم التضامن مع سكان قطاع غزة والدعوة للتفكير بهم خلال الصلوات بشكل عام، وفي شهر رمضان بشكل خاص.

في السطر الأخير.. انهى الباحثون دراستهم بتوصية «لا تستبِعد» إشتعال «المواجهة» بين فلسطينيي الداخل واليهود هذا نصّها: «لا بُدَّ من القيام بخطوة لها تأثير نفسي للحفاظ على الاستقرار الداخلي». وسيكون لتوسيع المساعدات الاقتصادية للسلطات المحلية والشركات العربية والمحتاجين أثر إيجابي. هذا، بالإضافة إلى «تجنّب الإفراط في فرض القيود على حرية التعبير، وزيادة مكافحة الجريمة والعنف، وكبح جماح العناصر المتطرفة على الجانبين، ومنع المضايقات والمواجهات المُتبادلة التي «من المحتمل أن تشتعل».